بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين محمّد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين.
قال تعالى في محكم كتابه الكريم( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) .. صدق الله العلي العظيم
شهر رمضان هو سيّد الشهور، الحسنات فيه مقبولة، والسيّئات فيه مغفورة، من أغاث فيه ملهوفًا آمنه الله من الفزع الأكبر، ومن نصر فيه مظلومًا نصره الله على كلّ من عاداه في الدنيا والآخرة، هو شهر المواساة والشعور بآلام الآخرين، شهر الانتصار التاريخيّ، وتحقّق الوعد الإلهيّ بعدّة وعتاد بسيط، وقلوب مملوءة بالإيمان والعزم والإرادة، منه ينطلق الإنسان في مسيرة التكامل نحو الواحد الأحد، الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، هو شهر الضيافة على الموائد الربانيّة، موائد القرآن الكريم، والعبادة، والدعاء، والعمل الصالح.
في ظلّ النسيم الرمضانيّ الممزوج بأريج الإيمان العطر، والأجواء الروحانيّة، لنا كلمة نوجّهها إلى سائر أبناء شعبنا الأبيّ:
أوّلًا: أوصيكم وجميع الأحبّة بالاهتمام الشديد بالقرآن الكريم، وأن تتخذوا منه في هذا الشهر الفضيل منهجًا وهدى، تهتدون به في حياتكم الفرديّة والاجتماعيّة، وفي وضع الخطط والمشاريع، لتكون خططكم ومشاريعكم، ومناهجكم وفق منهج قرآنيّ، كي لا يستحوذ عليكم شياطين الأرض بأساليبهم وخططهم الخادعة والماكرة، وأضاليلهم الملتوية والباطلة، كما علينا جميعًا ألا نغفل الجانب الإيمانيّ من هذا الشهر الفضيل، عبر إجراء التقييم والمحاسبة، والعمل على تجاوز التقصير، وصولًا إلى تجسيد الغايات الربانيّة في الحياة الإنسانيّة.
ثانيًا: أوصي الشباب المجاهد والثائر، وجميع الشعب بألّا تصيبهم غفلة النسيان، عن قيادتهم الحكيمة، والشجاعة التي وقفت معهم في محنتهم، وفي ثورتهم ضدّ الظلم والاستبداد، سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم الحاضن لكلّ الشعب، والرمز الإسلاميّ الوطنيّ الكبير، كما لا ينبغي لكم يا أعزائي وأحبائي أن تخلوا الساحات من المسيرات والاعتصامات المناهضة لمحاصرته، والمطالبة بفكّ الحصار عنه، فأنتم أبناء شعب وفيّ وأبيّ، لا يمكنكم السكوت وقائدكم محاصر ورموزكم وأسراكم تحت وطأة السجون والقيود.
ثالثًا: إنّنا في إئتلاف شباب ثورة الرابع عشر من فبراير نؤكّد أنّ الكيان الخليفيّ الجائر فقد شرعيّته يوم خرج الشعب في اليوم التاريخيّ مطالبًا بإسقاطه وإسقاط الديكتاتور حمد بن عيسى، ويوم الاستفتاء الشعبيّ على اختيار نظام سياسيّ جديد، وفقد كلّ مقوّمات البقاء، فلا يحقّ له أن يتصرّف على خلاف الإرادة الشعبيّة الرافضة له ولأسياده، بجلب المستعمرين أو إبقاء القواعد العسكريّة، الأمريكيّة وغيرها، ونرى ضرورة مواجهة كلّ أنواع الاستعمار الاقتصاديّ، والثقافيّ، والاجتماعيّ، والسياسي، والتصدّي للاحتلال والهيمنة، والعمل على طرد القواعد العسكريّة، الأمريكيّة وغيرها، بما يمكن من وسائل مشروعة، فالله (عزّ وجلّ) قد منحنا الشرعيّة في الجهاد، والتحرّك في مواجهة أعدائنا، ومن هذا المنطلق، وفي هذه الأجواء الرمضانيّة، نعلن مجدّدًا كما في العام الماضي أنّ أوّل يوم جمعة هو اليوم الوطنيّ لطرد القاعدة الأمريكيّة، فلنخرج بمسيرات رافضين أيّ وجود أجنبي محتلّ ومطالبين بطرد القواعد العسكريّة التي تمسّ السيادة الوطنيّة والاستقلال الحرّ.
رابعًا: إنّ شعب البحرين شعب أبيّ صامد يحمل من الوعي ما يكفي حتى لا تنطلي عليه الأمور الصوريّة والشكليّة التي يقوم بها النظام المتعجرف تمهيدًا لإجراء انتخابات شكليّة، بعيدة كلّ البعد عن مطالبه المشروعة وعن إرادته وحقّه في تقرير مصيره، وهنا أُشدّد على الموقف الذي أعلنهُ ائتلافكم بالمقاطعة الشاملة لهذه الانتخابات ومواجهتها بمشاريع سياسيّة وثوريّة مضادة.
خامسًا: إنّ من أهمّ القضايا المركزيّة في العالم الإسلاميّ قضيّة فلسطين والقدس المحتلّة، وهي ليست قضيّة تخصّ الفلسطينيّين وحدهم، بل هي قضيّة الأمّة كلّ الأمّة، وقضيّة الشعوب كلّ الشعوب، ونحن اليوم أمام مرحلة خطرة تعدّ من أخطر مراحل الصراع مع أمريكا والصهاينة الذين يسعون ويخططون لتصفيتها، بل العلامات واضحة للاستيلاء على الحرمين الشريفين، تنفيذًا لأجنداتهم الخبيثة عبر أذنابهم من نظام آل سعود الإرهابيّ والأنظمة الديكتاتورية في المنطقة، فيا شعوب العالم، ويا شعب البحرين، الكلّ معنيّ بالتحرّك الجاد والفاعل لخوض غمار المعركة على كلّ المستويات؛ فلتدكّوا عروش الظالمين والمستكبرين، وتثبتوا عظمة الإسلام وقدرته على حسم الصراع مع الأعداء.
تقبّل الله طاعاتكم وأعمالكم في هذا الشهر الفضيل، وأعاده الله علينا وعليكم والإسلام قد انتصر.
رئيس شورى ائتلاف 14 فبراير
الخميس 17 مايو/أيّار 2018
الموافق الأوّل من شهر رمضان 1439هـ
البحرين المحتلة