أوّل مسيرة غضب رفضًا لسباقات الفورمولا يوم الجمعة 20 أبريل 2012، انطلق الشهيد صلاح عباس من دوّار (كرانة وأبو صيبع) إلى دوار (سار)، سارت الجماهير مطالبة بوقف هذه السباقات في البحرين.
أشعل القائد الميداني حماسة المتظاهرين فأكملوا المسيرة باتجاه دوّار الشهداء (اللؤلؤة)، غير أنّ عصابات المرتزقة هاجمتهم بعنف وحالت دون وصولهم.
عاد الشهيد إلى المسجد ومنه إلى بيته لينطلق ليلًا إلى آخر نزول ثوريّ له، حيث توجّه إلى أبو صيبع للمشاركة في الاعتصام المقام آنذاك بالقرب من دوّارها، الذي سرعان ما تعرّض إلى وابل من رصاص الشوزن والقنابل المسيّلة للدموع. تفرّق الشباب إلى مجموعات وأخذوا يحاولون التجمّع والاعتصام مجددًا في أماكن أخرى في البلدة، وكانوا يواجهون هجومًا شديدًا من المرتزقة.
اشتدّت المواجهات وازداد القمع والملاحقات لتصل إلى ذروتها عند الساعة الحادية عشرة حيث أمسك المرتزقة خمسة ثوّار من أصل سبعة من بينهم الشهيد الذي تمكّن من الفرار مع رفيق له.
غير أنّ قوّات المرتزقة استخدمت رصاص الشوزن بكثافة وهي تلاحق الشهيد ورفيقه حتى وصلا إلى إحدى المزارع، وتسلّقا سورها ليدخلاها ثمّ انحرفا بعدما علما بوجود المرتزقة فيها، وأكملا إلى المجمع السكنيّ الملاصق لها، وكان لا بدّ لهما من أن يتسلّقا كوخًا مصنوعًا من الصفائح المعدنيّة، تقدم رفيق الشهيد أوّلًا ولم يتوقّف متوقّعًا أن يكون الشهيد وراءه، لكنّ الشهيد كان قد أصيب في هذا الوقت برصاصات الشوزن التي أوقعته على السطح ومن بعده بين أيدي المرتزقة الذين نكّلوا به وعذّبوه بوحشيّة حيث وجدت في جسده: (إصابات في الرأس، خلع للعمود الفقريّ للرقبة، قطع للحبل الشوكي، خلع في الكتف الأيمن، كسر لأربعة أضلاع في الجانب الأيسر من صدره، جرح في الطحال، نزف داخلي وجروح في الرئتين، إصابة جزء كبير من جانبه الأيسر برصاص الشوزن، وخصوصًا في صدره وخاصرته وساقه ونصف ظهره من الجانب الأيسر، إصابته بحروق في الصدر نتيجة سحل جسده على مكان صلب)، وظلّت تفاصيل تعذيبه حلقة مفقودة.
انتظر رفيقه وصوله، غير أنّ غيابه طال، وهاتفه لا يجيب، حتى انبلج الفجر والقلوب توجسّت مما يخفيه القدر؛ فلم يكن من عادة الشهيد صلاح أن يطيل الغياب، لذا أخذت العائلة تبحث عنه في كلّ مكان، إلى أن وصلها خبر بوجود شهيد فوق كوخ بالقرب من مزرعة، أرادوا التأكّد من هويّته غير أنّ الكيان الخليفيّ رفض الإدلاء بأيّ معلومة.
ومع حلول ظهيرة يوم السبت 21 أبريل 2012 نقل الجثمان الطاهر إلى مستشفى السلمانيّة، وهناك سمح لأحد إخوته بالتعرّف إلى وجهه فقط، وظلّ الكيان الخليفيّ يماطل في تسلميه حتى انتهاء السباقات، غير أنّ الضغوطات الإعلاميّة والمؤتمر الصحافيّ الذي عقدته أسرة الشهيد تمكّنت من إرضاخ الكيان للأمر الواقع وتسليمه ليوارى الثرى يوم الإثنين 23 أبريل 2012، حيث جرى له زفاف مهيب يليق بالأبطال في مسقط رأسه البلاد القديم، وهناك بدأت قصّة جديدة: أبطالها الثوّار أبناء الشهيد القائد صلاح عباس، ومكانها كلّ شبر من البحرين، وزمانها كلّ يوم حتى النصر.