تحلّ الذكرى السادسة لاستشهاد المصوّر أحمد إسماعيل (22 عامًا)، وللآن لم «تتمكّن» أجهزة الكيان الخليفيّ من كشف هويّة القاتل الذي أطلق عليه الرصاص؛ فأرداه شهيدًا.
ترافقت انطلاقة ثورة 14 فبراير عام 2011 بتكتّم إعلاميّ كبير، وبسيطرة إعلام الكيان الخليفيّ الذي عمل حثيثًا على تشويه الحقائق وتزييف الواقع، ما دفع الشهيد إلى المواجهة بالمثل، فحمل رفيقة دربه منذ الصغر«الكاميرا»، وأخذ ينقل أحداث الثورة كما هي، موثقًا جرائم مرتزقة الكيان الخليفيّ وانتهاكاتهم بحقّ شعب مسالم أعزل.
ثبت الشهيد أحمد في الميادين رغم الخطر والتهديدات، فهو ابن أسرة فيها الإعلاميّون والمصوّرون أبًّا عن جد، راسخة في نفسه مبادئ الكلمة الحرّة ونقل صورة الواقع كما هي.
وثّق أحمد أحداث الثورة بالصور والمقاطع المسجّلة، ونشرها على شبكة الإنترنيت أو عبر منظّمات حقوقيّة وإعلاميّة، مدركًا أنّه في ساحة حرب، يجاهد بسلاحه الذي عرفه طيلة عمره «الكاميرا»، ولقّب بـ«الزئبق» لخفّة حركته وقدرته على المناورة والتخفي بيسر.
أقلقت صور الشهيد وفيديوهاته الكيان الخليفيّ الذي باتت تفضحه، فاستنفر عصاباته وبلطجيّته من أجل العثور عليه، ورغم معرفته أنّه مطلوب أبى إلّا أن يكمل رسالته، حيث انتشر في 21 مارس/ آذار 2012 فيديو يظهر ميليشيات مدنيّة مسلحة تابعة لوزارة الإرهاب البحرينيّة، وهي ترابط عند أحد الحواجز الفاصلة بين منطقتي إسكان عالي والرفاع، جنوب العاصمة المنامة، يحمل أحد عناصرها سيفًا، وثلاثة آخرون يحملون البنادق، وأتت سيارة لدعمهم بمزيد من المدنيّين، تبعتها سيارة أخرى عسكريّة، ثمّ انضمت إليهم سيارة خاصّة طبع عليها الشعار الملكيّ وصورة للديكتاتور حمد، وقد ظهر منها شخص وهو يصوّب بندقيّته في الهواء.
تمكّنت الأجهزة الإرهابيّة من الوصول إلى صاحب هذا الفيديو، ولم يكن غير الشهيد الذي تلقى تهديدًا مباشرًا بعبارة «عرفنا موقعك ومن أين تصوّر!».
لم يرتدع أحمد، ولم يتوقّف عن عمله، حتى ساعة متأخرة من ليل 31 مارس 2012 حين أطلق عليه الرصاص الحيّ في منطقة سلماباد، المحاذية لمنطقتي عالي والرفاع، فاخترق بطنه وفخذه الأيمن، وهو مستمرّ في التصوير، غير أنّ كاميرته اختفت فيما بعد.
غادر أحمد أخيرًا الميدان، لكنّه كان محمولًا على الأكتاف، ومضرّجًا بدمائه التي لوّنت أرض البحرين بعد أن آثر أن يضحي بروحه فداء لثورة حمراء بصور لم يتمكّن الرصاص من تمزيقها.
يوم الإثنين 14 مايو/ أيار 2012 كُرّم الشهيد المصوّر البحرانيّ «أحمد إسماعيل» في متحف واشنطن الإخباريّ «نيوزيوم»، حيث علّقت صورته على الجداريّة التي حوت أسماء الصحفيّين الذين قتلوا خلال العام 2012.
واليوم يستذكر المركز الإعلاميّ في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير المصوّر الشهيد البطل الذي رفض العمل مخبرًا للكيان الخليفيّ، وثبت مقاومًا في سوح الجهاد، واستشهد وهو يوثّق الرصاصة التي اغتالته، فألف تحيّة إلى روحه الطاهرة.