يستذكر الشعب البحرانيّ في هذه الأيام ذلك العرس الديمقراطي غير المسبوق الذي نظمته الهيئة الوطنيّة المستقلة للاستفتاء الشعبي، بدعمٍ وتنسيق مباشر من ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير، حين دعا إلى استفتاء شعبيّ لتقرير المصير، في مواجهة الانتخابات الصورية للسلطة الحاكمة، وما نجم عن هذه الدعوة من تحرك جماهيري وشعبي لإثبات الحقوق وتأكيد مسيرة الثبات والمطالبة بالحقوق، وحقّ الشعب في تقرير مصيره بيده واختيار ممثليه الحقيقيّين.
تعود الذاكرة بأبناء البحرين إلى ثلاث سنوات خلت، حين أصروا على الرغم من كلّ المضايقات ومحاولات النظام الحاقدة لإفشال الاستفتاء، على النزول للتعبير عن تطلعاتهم وآمالهم، موجهين لنظام القمع صفعتين، الأولى بالمشاركة في الاستفتاء على المصير من دون أيّ خوف من اعتقال أو قمع، وأخرى بإفقاد انتخاباته أي شرعيّة بمقاطعتهم لها وإيصالهم رسالة واضحة لكل العالم بأنّ هؤلاء الحكّام لا يملكون أي رصيد شعبي، ورصيدهم فقط هو إجرامهم ودمويتهم.
البحرانيّون عاشوا لحظات تاريخيّة ما زالت ماثلة أمامهم، ولا سيّما أنهم أثبتوا حينها ويثبتون في كلّ يوم أنّهم شعب حضاري وواع، يدرك جيدًا أهدافه التي وضعها نصب عينيه منذ أن أطلق ذلك الحراك الثوري قبل أكثر من ست سنوات، ويعلم جيدًا أنّ طريق الحرية تصنعها التضحيات العظيمة، وهو ما لم يبخل به الشعب طوال مسيرته الثورية والنضالية، وينظر إلى ذلك اليوم على أنّه اليوم الذي عرّى به نظام الظلم والقمع والإجرام، وقدم الدليل الواضح على أنّه نظام لا يملك حاضنة شعبيّة وفاقد للشرعيّة.