حاور «المركز الإعلاميّ في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير» الأسير المحرّر «الدكتور إبراهيم الدمستاني»، ضمن الملف الخاصّ بـ«يوم الأسير البحرانيّ»، فكانت هذه المقابلة.
يفتح المركز الإعلاميّ في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير ملفا خاصًا بيوم الأسير البحرانيّ، تقديرًا لمواقف المعتقلين السياسيّين الذين كنتم واحدًا منهم، ويشرّفنا أن يكون موقعنا منبرًا لنشر ما مررتم به في السجون الخليفيّة، سعيًا منا لكشف مدى مظلوميّة الشعب البحرانيّ في ظلّ ديكتاتورية آل خليفة، فأهلًا وسهلًا بكم «الدكتور إبراهيم الدمستاني».
1- ما كانت أسباب اعتقالكم؟ وكيف كانت مجريات المحاكمة؟
– سبب الاعتقال هو «جريمتنا» عندما شاركنا في إسعاف ضحايا يوم الخميس الدامي، واحتجاجنا ككادر طبيّ على الإدارة التنفيذيّة بوزارة الصحّة لعدم تحمّلها مسؤوليّاتها الإداريّة والأخلاقيّة والقانونيّة تجاه الجرحى والطواقم الطبيّة التي اعتدي عليها من قبل قوّات أمن النظام، والتواطؤ في منع وصول سيارات الإسعاف لدوّار اللؤلؤة، والمطالبة بإقالة وزير الصحّة آنذاك.
أما فيما يتعلق بالمحاكمات فقد كانت تفتقر الى أقلّ من أدنى إجراءات المحاكمة العادلة، وكانت مسيّسة بامتياز من خلال المحاكم العسكريّة، واستنادها إلى تهم انتزعت تحت التعذيب الشديد، والتي استهجنها المجتمع الدوليّ والمنظمات المهنيّة والأمميّة واحتقروها، وقد كانت مدعاة للسخرية؛ حيث إنّها لم تصمد أمام مواجهة فريق الدفاع من قبل الأساتذة المحامين، وقد فنّدت غالبيّتها عندما حوّلت قضيّة الكادر الطبيّ إلى المحاكم المدنيّة، غير أنّه بسبب تسييس القضاء حكم على 4 منّا في الكادر الطبيّ بالسجن: د. علي العكري – 5 سنوات، وأنا 3 سنوات، كما حكم على كلّ من د. سعيد السماهيجي، ود. غسان ضيف سنة لكلّ منهما.
2- هل لكم أن تصفوا لنا آليّات التحقيق معكم؟
بدأ التحقيق معي عندما اعتقلت من المركز الطبيّ بشركة ألبا بتاريخ 3 أبريل 2011 من قبل مدنيّين نقلوني ظهرًا إلى مبنى التحقيقات، حيث تولّى التحقيق الجلّاد مبارك بن حويل الذي طلب مني الاعتراف بتهم سخيفة، والاعتراف على آخرين من الكادر الطبيّ، لكنّي رفضت هذه التهم، الأمر الذي عرضني للتعذيب لما يقارب 12 يومًا، حيث أجبرت على الوقوف على رجلي على مدار الساعة، باستثناء أوقات وجبات الطعام، وتعرّضت مع د. علي العكري ود. محمود أصغر لوجبات التعذيب القاسي من قبل 3 أو 4 من الجلّادين كلّ نصف ساعه خلال 12 يومًا، الى أن استشهد كلّ من الشهيد عبد الكريم الفخراوي والشهيد العشيري والشهيد علي صقر، فأجبرنا جميعًا على التوقيع على تهم باطلة، ومن ثمّ نقلنا إلى سجن الحوض الجاف.
3- ثلاث سنوات من السجن على خلفيّة إنسانيّة بحتة، هل تعرّضتم فيها للتعذيب إلى جانب الإهمال الصحي المتعمّد؟
أكيد، فقد بدأ التعذيب منذ اللحظة الأولى من وصولي إلى مبنى التحقيقات الجنائيّة من قبل بلطجية النظام عبر الضرب بالهراوات البلاستيكيّة الصلبة، واللكمات على الرأس والعمود الفقريّ والرفسات على أسفل الظهر الذي أدّى إلى إصابتي بكسر في عظمة العجز (العصعص)، وعلى الرغم من الصراخ والألم الشديد بسبب الكسر فإنّهم لم يكترثوا، إلى أن ساءت حالتي ونقلت إلى مستشفى الشرطة بالقلعة، حيث العاملون فيها بعيدون كلّ البعد عن الأخلاق المهنيّة الطبيّة والإنسانيّة، إذ أعدت إلى وكر التعذيب بعد نصف ساعة من دخولي المستشفى، ومن دون الحصول على أيّ أدوية أو مسكّنات للألم.
4- أصبحتم الآن من المواطنين المطلوبين والمهجّرين وعلى الرغم من هذا أنتم مستمرّون، فما الحافز الذي يدفعكم إلى الاستمرار؟
الظلم قبيح ومرفوض دينيًّا وأخلاقيًّا وعرفًا، ونحن مأمورون بعدم الركون للظلم من قبل الباري عزّ وجلّ ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ… ﴾، وعار علينا أن نقبل باستشراء الظلم، وكما قال سيّد الشهداء (ع): «الموت أولى من ركوب العار» لقبح الظلم، واستشراؤه يعني امتهانًا لكرامة الإنسان والمجتمع ومذلّتهما وسلب حريّتهما، وفِي الحديث الشريف: « إنّ الله أوكل إلى عبده المؤمن كلّ شيء ولم يوكل إليه أن يذلّ نفسه»؛ فالمذلة والتنازل عن الكرامة صلاحيّة لم يمنحها الباري لنا، ومن تنفّس عبق الحريّة في 14 فبراير لا يمكن أن يتنازل عنها، حتى لو كلّفه ذلك الحياة، فما العيش والحياة مع الظالمين إلا برما، كما قال سيّد الأحرار والشهداء (ع).
5- معتقل سابق، والد شهيد، مهجّر، ما هي كلمتكم الأخيرة للأسرى وعوائلهم، ولعوائل الشهداء وللشباب المطاردين والمهجّرين؟
أقول كلمة مقتضبة: إنّ هذه التضحيات والدماء التي أريقت ظلمًا كلّها بعين الله، وليس من عدله أن يتجاوزها أو يغفل عنها، وهذا الدرب هو درب الأنبياء والأئمة (ع) والصحابة العدول والمصلحين الذين كان هدفهم نشر العدل والمساواة ونصرة المظلومين وتحقيق العزّة والكرامة للمجتمع.
وهو بلا شكّ درب صعب وشاق وذات الشوكة، ولكن في المقابل ثمّة وعد إلهيّ للذين يجاهدون في هذا الدرب ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾، كما قال الباري عزّ وجلّ ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾، فهذا الدرب وإن كان شاقًّا ومتعبًا، فمدّته قليلة في مقابل ما سوف يلاقيه الظالمون والجلّادون والقتلة من العذاب المقيم والخالد.
وأختتم الكلام بالحديث القدسي: «لا يجوزني ظلم ظالم ولو كفّ بكف ، ولو مسحة بكفّ»،