مع اقتراب الذكرى الثانية للاستفتاء الشعبيّ التاريخيّ، وفي سياق المقابلات واللقاءات التي يجريها مركز الأخبار مع البحرانيّين للوقوف على آرائهم حول الاستفتاء وما يعنيه لهم بعد سنتين على إجرائه، ارتأى أن يخصص القسم الثاني منها لمجموعة من الأحبة المطاردين الذين، وعلى الرغم من أوضاعهم الأمنيّة غير المستقرّة، أصرّوا على التطوّع في لجان الهيئة الوطنيّة المستقلّة، إيمانًا منهم بأنّ هذا الاستفتاء هو خطوة تكميليّة لثورة 14 فبراير، وكان تواصلنا معهم إلكترونيًّا.
«علي»، وهو متزوّج وعنده ولدان، كتب لنا عن مشاركته بالاستفتاء الشعبيّ من موقعه رئيسًا لأحد مقار التصويت: «لقد أتاح لي الاستفتاء الخروج أكثر، والاختلاط بالناس، ورؤيتي للأهالي وهم يتراكضون ويحتشدون للتصويت بنعم في الاستفتاء أمدّني بالعزيمة، وهوّن ما أقاسيه من غربة وبعد عن عائلتي».
«محمد» وهو بدوره أحد المتطوّعين الذين تدرّبوا بالورش التأهيليّة التي عقدتها الهيئة المستقلّة للإلمام بآليات الاستفتاء من إعداد اللوائح ومتابعة الناخبين، وصف لنا عمله بالسهل والممتع، حيث لم يجد أي صعوبة بتنفيذه، وأضاف متهكّمًا: «لا أفهم على ماذا يتقاضون الأموال الذين يعملون في انتخابات آل خليفة، ما هي لائحة عليها أسماء المواطنين، من ينتخب يحذف اسمه من اللائحة!»، ويكمل أنّه لم يملّ أبدًا وهو يستقبل الذين أتوا ليشاركوا، بل كانت الفرحة تغمره حين يزداد الضغط الشعبيّ عليه، تأكيدًا لرغبة الأهالي بإسقاط الحكم الخليفي واختيار نظام سياسي جديد، بحسب تعبيره.
أما «عيسى» فكان قد أوكل بصندوق اقتراع في منطقته، على أمل أن تشارك أسرته التي لم ير أفرادها منذ فترة طويلة، يقول: «استلمت رقابة الصندوق منذ الصباح، وطبعًا كنت أرتدي قناعًا حرصًا على سلامتي، ولم أكن متأكّدًا إن كان أهلي سيشاركون بالاستفتاء أو يعرضون عنه، لكن ما أشدّ سعادتي حين لمحت والدي يقبل متكئًا على عصاه ويتجه مباشرة ليضع ورقته في الصندوق، ولمحت أمي من بعيد وهي تتجه ناحية النساء، وتحججت بتقديمي المساعدة لأبي على إسقاط ورقته كي ألمس يده على عجل».
«حسين» شاركنا هو الآخر بما عايشه يومي الاستفتاء: «كنت أجول بين الأهالي القادمين للتصويت، مستقصيًا أحوالهم ومدى اندفاعهم للتصويت، وكانت الفرحة الحقيقيّة تظهر على وجوههم، يحدوهم الأمل والعنفوان على السعي إلى تحقيق ما يصبون إليه ألا وهو تقرير مصيرهم بأنفسهم، دون تسلّط من أحد، حتى أنّ بعضهم كان يوجّه لي الشكر والتقدير لإتاحتنا له المشاركة في هذه العمليّة الديمقراطيّة».
فألف تحيّة لهؤلاء الأبطال، ولغيرهم ممن لم يتح لنا التواصل معهم، ولكن بصمتهم سجّلت في ملف الاستفتاء والثورة المجيدة.