رسالة الائتلاف العاشوارئيّة للعام 1438هـ تحت عنوان «هيهات منّا الذلّة»
بسم الله الرحمن الرحيم
«السلام على الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين».
أيّها الإخوة المؤمنون والأخوات المؤمنات، ونحن نستقبل أيّام عاشوراء، شهرُ انتصار الدم على السيف، وذكرى واقعة الطف الدامية، ترتسمُ أمام نواظرنا، تلك الوقائع والملاحم البطوليّة التي خلّد الإمام الحُسين «ع» من خلالها نماذج مثالية للعزّة والإباء والكرامة، وبيّن فيها أنّ الأنفس لترخص في سبيل الذبّ عن حياض الدين الإسلاميّ وقيمه ومبادئه.
لقد كانت فاجعة كربلاء عام 61 للهجرة، مفصلًا تاريخيًا مهمًّا في حياة البشريّة، ومدرسًة تُعلّم الأجيال معنى الإيثار والمثابرة والتضحية والاستبسال في الانتصار للحقّ والعدل والحُريّة، وفي الوقت الذي يخوض شعبنا البحرانيّ الأبي خضمّ جهاده ومقارعته الظلم والجور الخليفيّ المدعوم من المحتل السعوديّ، ما أحوجه إلى الاقتداء بتلك الشخصيّات العظيمة التي بذلت مهجتها في سبيل الذود عن حياض الاسلام وقيمه، يوم عزّ فيه الناصر والمعين، وفي هذه المحطّة الإيمانيّة الثوريّة، نودُّ تأكيد ما يلي:
أولاً: إنّ الشعار الذي أطلقهُ سيّد الشهداء وأبو الأحرار الإمام الحسين «ع» يوم عاشوراء عام 61 للهجرة «هيهات منّا الذلة» لحقّ بشعبنا الثائر المعطاء أن يجعله شعارًا للمراسم والشعائر والفعاليّات الحسينيّة التي سيقيمها رغم أنوف سلالة يزيد الطاغية آل خليفة وآل سعود الجناة المجرمين.
ثانيًا: إنّنا اليوم في ثورتنا المباركة، نستلهمُ من مدرسة كربلاء التي نهلنا من معينها الذي لا ينضب دروس التضحية والمقاومة والصمود والفداء، ومقارعة الجور والفساد، فنحنُ لم نخرج أشرين ولا بطرين، وإنّما خرجنا لإسقاط الحكم اليزيديّ المتمثّل بالكيان الخليفيّ، وإصلاح شؤون البلاد والعباد في بحريننا العزيزة.
ثالثًا: رُغم كافة أشكال التفرعن الخليفيّ، المدعوم أمريكيًّا وبريطانيًّا وسعوديًّا، فإنّنا لن نتوانى عن مواصلة الثورة التزامًا منّا بتكليفنا الشرعيّ، وانطلاقًا من مسؤوليّتنا الوطنيّة التي لن نفرّط فيها أبدًا، فلا للوهنِ ولا للضعف، ونعم للاستمرارِ والصمود والثبات، حتى إنهاء حكم يزيد العصر «حمد بن عيىسى»، وتمكين الإرادة الشعبيّة من تقرير مصيرها واختيار نظامها السياسيّ الجديد وفق ما أسفرت عنه نتائج الاستفتاء الشعبيّ الذي جرى في شهر نوفمبر عام 2014.
رابعًا: إنّ ثورة الإمام الحسين «ع» قد أسقطت شرعيّة الحكم اليزيديّ، وبيّنت للمسلمين من هو يزيد بن معاوية، وكذا فإنّ ثورتكم المباركة يا أبناء شعب البحرين، قد أسقطت شرعيّة الحكم الخليفيّ الفاسد، وكشفت القناع عن الوجه الحقيقيّ ليزيد العصر «حمد بن عيسى» فهو صاحب الوعود الكاذبة المخادعة، وهو قاتل النفس المُحرّمة، وهو قاتل الأجنّة في بطون أمّهاتهم، وهو من هَدَم بيوت الله، ودنّس المقدّسات، وانتهك الأعراض والحرمات، وهو من حارب الشعائر الدينيّة، لذا فإنّ صرختكم ستبقى مدوّية بوجهِ يزيد العصر «مثلنا لا يُبايع مثلك».
خامسًا: ما زال نداء الإمام الحُسين «ع» يدوّي على مرّ العصور والأزمنة، يستنهضُ الأحرار المؤمنين الأباة، للقيام والثورة بوجهِ كلّ أشكال الاستعباد والظلم والحيف، فينبغي أن تكون مراسم إحياء عاشوراء باعثة على النهوض والقيام وتحمّل المسؤولية، وأن نكون حسينيّين كما يُريدنا الحُسين «ع»، أباةً صامدين بوجهِ يزيد عصرنا، نرفضُ الاستسلام والمساومة، ومستعدين للفداء والتضحية في سبيلِ عزّة ديننا وكرامة إنسانيّتنا، وأن نكون مصداقًا لقول سيّد الشهداء الإمام الحسين «ع»: «إنّي لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما».
سادسًا: يا أبناء شعبنا البحرانيّ الأبيّ، يا عُشّاق الإمام الحسين «ع»، ها أنتم ترون بأعينكم ما وصل إليه طغيان الحكم الخليفيّ من فسادٍ وإجرامٍ وتدمير وتعدٍ على كلّ الحرمات والمقدّسات والكرامات، وها هو التاريخُ يعيدُ نفسه، وها أنتم ترون الدّعي ابن الدّعي «حمد بن عيسى» قد ركز بين اثنتين، وهو يُخيّركم بين أمرين، إما أن تخضعوا لحكمهِ الفاسد وتكونوا أذلّاء صاغرين، مهمّشين مستضعفين مضطهدين، وإما أن يكون القتلُ والسجنُ والتهجير مصيركم، والخيار الأوّل محالٌ لِمن عشِق الحُسين واغترف العزّة من نهر جوده وكرمه، فليكن ردُّكم المدوّي في هذا العامّ وفي كلِّ عام، ردُّ إمامكم الحُسين «ع» على يزيد بن معاوية: «هيهات منّا الذلّة».
ختامًا: إنّ ثورة الإمام الحسين «ع» بعظمة أهدافها، ثورة متحرّكة ولا تقبل الجمود، فهي ثورةٌ حرّكت الضمير العالمي بأسره، وقلبت الموازين في كلّ العالم، فعلينا أن نتفاعل تفاعلًا إيجابيًّا عمليًّا مع إحياء المراسم العاشورائيّة، وأن نُطبّق الدروس والعِبر التي ننهلها من مدرسة كربلاء الحسين، وأن نهيّئ أنفسنا بأن نكون حسينيّين قولًا وفعلًا، فما من ثورةٍ انتهجت نهج الحُسين إلا انتصرت، والارتباط الواعي بفكر الحُسين هو نصرٌ محقّق، وما النصرُ إلا من عند الله.
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار وثبّت لنا ولهم قدم صدقٍ عندك يا كريم.
صادر عن: ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
الإثنين 3 أكتوبر/تشرين الأول 2016 م
1 محرم 1438 هـ