بسم الله الرحمن الرحيم
وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى " الأنفال/ 17
يا أبناء أوال الملاحم والعزائم، تحيّة حبّ وتقدير لكم، وباقات ورودٍ لشهدائِكم، إنّه يوم الثالث عشر من شهر مارس، الذي تجلّت فيه بطولة الثوّار يوم أنْ دحروا مرتزقة الديكتاتور حمد منْ ميدان الشهداء ومنْ أمام مرفأ الحريّة ( المرفأ الماليّ )، وهو اليوم ذاته الذي غزت فيه قوات المحتلّ السعوديّ الغاشم تراب بحريننا الغالية.
في 13 مارس/ آذار الذي نعتمدهُ يوماً وطنياً لمقاومة المحتلّ السعوديّ، لإخوانكم في ائتلاف شباب ثورة الرابع عشر من فبراير بعضُ كلمات لا بد منها:
لقد ابتدأنا ثورتنا المُظفّرة جميعاً في الرابع عشر منْ فبراير العام الماضي، حيث كنا نحمل الورود في يدٍ وأعلام الوطن في اليد الأخرى، ضحّينا جميعاً: رجالاً ونساءً لهذا الوطن وللثورة وأهدافها الراميّة إلى إسقاط النظام الخليفيّ ومنْ أجل تقرير مصيرنا السياسيّ والاقتصاديّ، وحينما عجزت وانهارت قوى الإجرام الخليفيّ أمام زخمكم الثوريّ المتصاعد والأسطوريّ، لجأت للاستنجاد بقوات احتلال سعوديّة غزت البلاد عرضاً وطولاً، واستباحت المحرمات، والأعراض، والمقدّسات، وسفكت الدماء بحقد دفين لم يشهده تاريخ البحرين.
وبالرغم منْ كلّ ما ارتكبوه منْ جرائم ضد الإنسانيّة بحقّ شعبنا الأعزل والمسالم، ظلّت المنظمات الدوليّة والأمميّة مُلتزمة الصمت المريب، بل تواطأت معهم مُعظم حكومات العالم وفي مقدمتهم قوى الاستكبار العالميّ مُعلنةً – بكلٍ خسة ودناءة – شرعنة الاحتلال السعوديّ لبلادنا، لكنهم في وسط مؤامراتهم ونداءاتهم نسوا – وتناسوا – أنّ ثمة شعباً أبياً قرر أنْ يقاومَ هذا الاحتلالَ بشتّى الطرق، فبعد أنْ أطلقوا النار على الوردة التي كنّا نحملها في أيدينا وأراقوا دمها، وداسوا أعلام الوطن التي كنّا نرفعها ولا زلنا، وحرقوا القرآن الذي كان شعاراً للثوار في أكثر حراكهم الثوري، بات لزاماً علينا أنْ نحددَ الموقفَ، وأنْ نتحمّلَ المسؤوليّة، ونقولُها اليوم بوضوحٍ أكثر مما مضى: إنّ الورد لا يحمي أحداً، بل هو بحاجة لمن يحميه، ولهذا كانت مرحلة الدفاع المقدّس، نعم إنّنا نحبّ الورود لكننا لا نهديها لمن يقتلنا، بل نهديها لمن نحبّ وعلى رأسهم عوائل شهدائنا الأبرار، نعم إنّنا نحبّ الورد، لكنّنا نحبّ الحُريّة أكثر، فليس الورد غاية، بل غايتنا تحقيق الأهداف التي ضحّى لأجلها خيرة شباب هذا الوطن،ونساءه وشيوخه وأطفاله.
إنّ ائتلاف شباب ثورة الرابع عشر من فبراير يؤكّد في هذا اليوم الوطنيّ لمقاومة المحتلّ على النقاط التالية:
1- إنّ القوات السعوديّة المتواجدة على أرض البحرين هي قوّات احتلال يجب أنْ تخرج منْ أرضنا بأية وسيلة.
2- إنّنا نمتلكُ كلّ الحقّ في مقاومة ومواجهة قوّات الاحتلال، ومعها مرتزقة النظام الفاقد للشرعيّة، وإنّ ممارسة هذا الحقّ بات واجباً وطنياً لا يحتمل التأجيل ولا التسويف ولا ترك الأمر للصُدف، فلا يتوهمنّ أحد أنّ ضمير النظام سيصحو ذات يوم وسيطلب من تلقاء نفسه خروج القوّات السعوديّة من أرضنا.
3- إنّ الحد الأدنى للوطنيّة الصادقة يوجب الجهر بالقول: إنّنا كشعب نطالب العالم ومؤسساته الدوليّة – خصوصاً الأمم المتحدة – بالعمل على إخراج هذه القوّات المحتلّة، وندعو كلّ القوى الوطنيّة الرافضة لهذا الاحتلال إلى مخاطبة الأمم المتحدة والمؤسسات الدوليّة مجدداً عبر القنوات الرسميّة للعمل على إخراج هذه القوّات من أرضنا.
ولنا كلمة في هذا اليوم نوجهها للنظام الساقط ولقوّات الاحتلال، نقول فيها:
إنّ الإصرارَ الذي يملأ نفوسنا، واليقين بصحة الدرب الذي نسير فيه، يجعلنا نرى بأعيننا يوم رحيلكم المخزي والقريب عن أرضنا الغالية، ونحن كشعبٍ نؤكد لكم إنّنا نمتلك الحقّ كلّ الحقّ في مقاومتكم، ونمتلكُ الشجاعة والقدرة التامّة لفعل ذلك، فلقد كسرنا أغلال الخوف، ونعرف أنّكم لا تملكون إلا حقدكم الأعمى علينا، وتركنون إلى الصمت الدوليّ وقرقعة أسلحتكم، وتعمدون لإطلاق تهديداتكم الجوفاء التي لا قيمة لها.
إنّ الشعب البحرينيّ يملكُ إيماناً راسخاً بعدالة قضيّته، وعشقاً عميقاً للتضحية، وحباً مطلقاً للشهادة في سبيل دينه ووطنه، ويمتلكُ إيماناً لا متناهي في الإقدام.
فهبّوا يا أبناء شعبنا في هذا اليوم لتصعيد جهادكم ونضالكم ودفاعكم المقدّس، فاليوم هو يوم الملحمة الشعبيّة الذي كسرنا فيه – العام الماضي – شوكة مرتزقة النظام الساقط، حينما تمركزوا أعلى جسر ميدان الشهداء، يومها صرخ رمزنا العملاق المجاهد الشيخ محمد حبيب المقداد – فرج الله عنه – مخاطباً السلطة: "خسئتم أنْ تأخذوا منا دوار اللؤلؤة" وأعطاهم مهلة دقائق معدودات ليبدأ بعدها الزحف الشعبيّ المقدّس، ويلحِق بمرتزقة النظام هزيمة مخزية نكراء، هزيمةُ دفعت بالديكتاتور حمد – مساء اليوم ذاته – لاستقدام قوّات الاحتلال السعوديّ كي يتدارك الانهيار الحتميّ في كيان نظامه، وسقوطه في مزبلة تاريخ طغاة البشريّة إلى الأبد.
وإلى الثوّار القادة لابدّ منْ كلمة:
يتلألأُ بأعيننا ما هو مكتوبٌ على جباهكم الشامخة حيثُ ترتسم علامات النصر المحتّم، ونسمعُ صدى زئيركم يُدوّي في الأرجاء منادياً: إنّنا باقون هنا، وأقدامنا ضاربةٌ في أعماق هذه الأرض الغالية.
لمْ ترعبكم جيوش الدنيا، ولم يزدكم أزيز الرصاص إلا صموداً وثباتاً، ولما قابلوكم بالدبابات والآليات العسكريّة ما فترت عزيمتكم وما وهنت سواعدكم السمراء، أنتم القادة يا أنبل الرجال ونحنُ خدمٌ لكم، واليوم هو يومكم الأمجد، واستعدّوا للتصعيد المستمرّ في الأيام القادمة، ارفعوا لواء العزّة والحُريّة والتحرير، وبصمودكم الذي أبلج كلّ صمود ستغيرون كلّ الحسابات والمعادلات، فأنتم الأمل والرهان بعد الله تعالى، وما النصرُ إلا من عند الله.
اللّهم ارحم شهدائنا الأبرار واجعل لهم قدم صدقٍ عندك يا كريم
صادر عنْ: ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
الثلاثاء 13 مارس / آذار 2012 م