لقد تمادت العصابة المتغطرسة الطاغيّة في بطشها وإجرامها حد الشيطنة، ولم تترك سبيلاً لم تسلكه ترومُ كسر إرادتكم، والتشفّي من عذاباتكم وجراحاتكم، حتى صار مرتزقتها الأراذل يُغرقون مدننا وبلداتنا بالغازات المحرّمة السامّة، بل ويرمونها في منازلنا بُغية القتل العمد، وقد تكاثر عدد الشهداء الذين سقطوا ضحايا سموم حقدهم الغادر، منذ اعتمدوها سياسةً جديدةً لإبادتنا، كلّ ذلك على مرأى ومسمع من المجتمع الدوليّ الذي لا يزال مشاركاً في الجرم بصمته وتواطؤه، وها قد ودّعنا بالأمس شهيدين من جراء سموم النظام الخليفيّ الدمويّ، هما الفتى ياسين جاسم العصفور من بلدة المعامير، والشاب محمد خميس الخنيزي من مدينة جدحفص.
لقد سقطت ورقة التوت عن هذا النظام الأعمى المجرّد من الإنسانيّة والضمير، فصار لا يميز بين طفل، وشاب، وكهل، ورجل، وامرأة، يفتك بزهور هذا الوطن تشفياً وغلاً يظن أنّه يستعيد بذلك شيئاً من ماء وجهه المراق أو يفرض على هذا الشعب الأبيّ شيئاً من المسكنة والخضوع لجبروته وعنجهيته، ولكن هيهات .. فهو لم ير من دروس البطولة والصمود إلا يسيراً، فها هي عائلة الشهيد المظلوم يوسف أحمد موالي، نموذجٌ ناصع لأنفة هذا الشعب وصموده البطوليّ وثباته على الحقّ رغم عمق الجرح ومرارة الألم.
فقد أقدمت مرتزقة العصابة المجرمة على اختطاف هذا الشاب البشوش المؤمن، وغيّبته في سجونها الآثمة لتفتك به تعذيباً وتنكيلاً ثم تلقيه على صخور البحر في سلوك ينم عن مدى الانحطاط والدناءة التي بلغتها هذه العصابة وأزلامها، ظانةً أنّها تنسلخ بذلك من جريمتها وتتبرأ من دم ضحيتها، وتريد اليوم أن تكمل فصول جريمتها النكراء بإرغام أهل الشهيد على توقيع شهادة وفاة كاذبة تزعم أن الشهيد قضى غرقاً، لكنها تصطدم مرة أخرى بعنفوان هذا الشعب وكبريائه، فهذه الأسرة النبيلة من المحرق العريقة في نضالها وصمودها ووحدتها، قدّمت شهيدها قرباناً للثورة على ظلمكم وإجرامكم وفداءً لحريّة الوطن وكرامة الشعب، فهيهات أن تنكسر اليوم أمام غطرستكم وقبح أكاذيبكم، فليهنأ بال الشهيد أنّه خلّف وراءه عائلة تحفظ شموخ شهادته وشعباً أقسم أنْ يصون كرامة تضحيته وأنْ يواصل عظيم رسالته، ولتستعدّ الجماهير للمشاركة الواسعة في مراسم تشييعه فور الإعلان عنها.
وقد شاهد العالم كلّه كيف حوّل شبابنا الثائر سماء الوطن سواداً على رأس العصابة الفاجرة التي بات ديدنها الكذب والتزوير في إعلامها الداخليّ والخارجيّ، فظنت أنّها ستجلب ضيوفها الأجانب وتبعدهم عن مدننا وبلداتنا الملوثة بسمومها وإفساد أوباشها، لتخدعهم بمظاهر الرقي المصطنع والهدوء الكاذب، فكان أن افتُضحت على رؤوس الأشهاد وتناقلت وسائل الإعلام حداد سمائنا أكثر مما تناولت معرض طيرانها الذي أرادت أن تبيّض به وجهها الملطخ بالعار والجرائم، فما ازداد وجهها إلا سواداً باكتحال سمائنا احتجاجاً على بقاء الاستاذ الرمز المناضل حسن مشيمع في سجونهم الظالمة، دون أدنى مراعاة لحالته الصحية الحرجة التي تفاقمت جراء التعذيب والحرمان من العلاج اللازم.
ولتعلم العصابة الخائنة أن حداد السماء لنْ يكون نهاية المطاف، وسيستمر الثوّار في تصعيد الحِراك الثوري رداً على مواصلة الانتهاكات واستمرار أسرّ رموزنا وحرائرنا وخيرة شبابنا، وأن القادم سيكون أعظم وأكثر إيلاماً.
أيّها الشعب الثائر العظيم، اعلموا أن عدوكم الفاقد للشرعيّة والمنسلخ عن الإنسانيّة هو كالوحش الكاسر، يزداد ضراوةً كلما تكاثرت عليه الطعنات وأثخنته الجراح، لكنه هيجان المحتضر وفورة المنكسر ولن يلبث أن يلفظ آخر أنفاسه تحت ضربات صمودكم ومقاومتكم وعنفوانكم، وإنّما النصر صبر ساعة، وأنتم أهل الصبر والظفر، فشمّروا عن ساعد الجد في مواجهة هذه العصابة الساقطة ومرتزقتها، وليُسحق كلّ منْ يتعدى على أعراضنا ومقدساتنا، ومنْ رأيتموه يعتدي على حرائرنا فاسحقوه، ولنستعد لتحرير بقاع وطننا الطاهر من أدرانهم، بدءاً بكل بلدة من بلداتنا ووصولاً إلى الميدان الذي اختاره شهداؤنا ساحة لنيل حريتنا.
اللّهم ارحم شهداءنا الأبرار واجعل لهم قدم صدق عندك يا كريم.
صادر عنْ: ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
السبت 21 يناير / كانون الثاني 2012 م