بسم الله الرحمن الرحيم
ولا تحسبن الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يُرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم، ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون
يا جماهير الثورة المجيدة، أيها الثوّار الأحرار، قد حان وقت الملحمة: إنها نواقيس جمعة التحرير تطرق أسماع الظَلَمة فترتعد فرائصهم لها، يجعلون أصابعهم في آذانهم خشية غضبكم، فتأهّبوا إن لله وعداً لا يُخلف، نظّموا الصفوف واحتشدوا، حاصروهم وباغتوهم، اخرجوا لهم من الأرض واهبطوا عليهم من السماء، فالوطن وطنكم، والأرض أرضكم، والميدان ميدانكم، والشهداء شهداؤكم: ليس للغزاة والمرتزقة مكان على أرضنا وقد عاهدنا شهداءنا أن لا يطول بقاؤهم فيها ما دام للثورة عرقٌ ينبض.
أعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ولا تهنوا في ابتغائهم، فإن تألمون في سبيل الله والوطن فإن جراحكم طهور لكم، أما ألمهم فهو مزيد خزي وعار لهم، وهل ميعادكم إلا إحدى الحسنيين: نصرٌ أو شهادة، أو نصرٌ وشهادة، ومصيرهم خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
لقد أثبتم يوم ذكرى الثورة في الرابع عشر من فبراير أنكم أحرار لا يكسركم القمع ولا يهولكم الترهيب، هكذا ولدتكم أمهاتكم الزينبيات، ولن يسلبكم أحدٌ حريتكم هذه، كونوا كما أنتم: فأنتم القادة وأنتم أبطال الوغى.
افتتح الثوار فجر ذكرى الثورة بعملية الشهيد القائد عبد الرضا بو حميد، مهرولين بالأكفان للقاء ساحة وصالهم بالحرية والشهادة، فبُهت النظام المجرم وأُرغم مكرهاً على نشر المزيد من مرتزقته المنسلخين من بشريتهم ونشر معهم الآليات والمدرعات، يطوف بأرتالها بلداتنا وشوارعنا وأحيائنا كما لو كان في حرب سافرة ضد جيش مسلح، وذلك بعد أنْ مرّغ الثوار الأبطال أنفه وأنوف مرتزقته بهرولة الفجر الصادق على خطى محرر الميدان القائد عبدالرضا بوحميد.
لقد ظنّ النظام أنّهُ بنشر آلياته العسكرية يخيفكم أيها الأحرار وأيتها الحرائر، فيثنيكم عن محاولة الزحف الجماهيري إلى الميدان الذي يستصرخكم شوقاً ولهفة، فسرعان ما صفعه الزحف الهادر في ساعة الصفر من جماهير الثورة المخلصين، بالسيارات وراجلين، حتى بلغتم مشارف الميدان ولامستم عتباته وشممتم نسماته وسط غازات سموم الحقد والغل والإجرام، بل كان منكم من تحدى الأسلاك الشائكة والحصار العسكري المشدد وجحافل المرتزقة فوصل إلى الميدان على صهوة الاستبسال والشجاعة.
لقد أضاعت العصابة المستبدّة بوصلة النجاة فأصبحت كمن تهوي به ريح المكابرة والغرور إلى مكان سحيق، فبين مظاهر العسكرة ومداهمة المنازل الآمنة والاعتقال التعسفي والتعذيب في الساحات العامة والتعرّض حتى للمراسلين الأجانب، تحوّل النظام المجرم إلى وحش مثخن بجراح العار والانكسار، كلما ازداد هيجانه سال نتن قيحه، وخطابنا له إن شرذمتك ومدرعاتك لا تخيفنا، فقد غمسنا بدم الشهادة حريتنا وسنسطر بمدادها ملاحم نصرنا، ومن لا يهاب الموت لن يخيفه جيش مرتزق، ومن يتلهف للشهادة لا ينال إلا النصر والسعادة، لنا حقٌ فإن أعطيناه وإلا فاستعد لغضب شعبنا وانتقام العزيز الجبّار على أيدي ثوارنا وأبطالنا.
بحلول الذكرى الأولى لثورة الرابع عشر منْ فبراير تكون مرحلةٌ قد انقضت ومرحلةٌ أخرى بدأت، ولن نعود إلى الوراء أياً كان الثمن، سنكتب بدمائنا ونضالنا عمراً جديداً لهذا الوطن، لن نكتفي بعد اليوم بهتافاتنا وقبضاتنا، بل ستكون راية الدفاع المقدّس هي الخفاقة الآمرة، فأبدعوا أيها الثوّار في وسائل ردع المرتزقة واستعدّوا لساعة التحرير كي تنطلقوا أفواجا مرددين آية النصر، شاهرين وسائل الردع والقهر، ليروا بأسكم كما صعقهم عزمكم وصمودكم يوم الذكرى.
أيها الغزاة والمرتزقة إن هذه البقعة المطهرة أرضنا وأرض شهدائنا، ستظلُّ شاهدة أبد الدهر على انحطاطكم وغدركم وسقوطكم، كما ستحمل أبد الدهر عبق دماء شهدائنا وأريج الكرامة والحرية لشعبنا، لملموا شتاتكم وارحلوا، فإن هذه الأرض لم تعد تطيقكم، واعلموا أن الثوار لن يتراجعوا حتى يغرسوا راية الدفاع المقدّس على أرض الميدان الطاهرة، ولن تتوقف مساعي العودة وتحرير الدوار بل ستشتدُّ في كل مرة ضراوة وتصميماً ومقاومة، فارحلوا الآن قبل أن يأتي يومٌ تتمنون فيه لو كنتم سمعتم وأطعتم.
ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، اللهم ارحم شهداءنا الأبرار واجعل لهم قدم صدق عندك يا كريم.
صادر عنْ: ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
الجمعة 17 فبراير / شباط 2012 م