بسم الله الرحمن الرحيم
(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)الحج 39-40 صدق الله العلي العظيم
السلامُ على الشعبِ العظيمِ بصبرهِ وصمودهِ ونضاله، السلامُ على ثوّارنا المرابطينَ في ميادينِ الكرامةِ والعزّةِ والإباءِ الذين يصنعونَ النصرَ بعينِ اليقينِ، السلامُ على شهدائنا الأبرار شموع الطريق ومنارات النصر الشامخة…
يا أبناء شعبنا المسلم المسالم المقاوم…
إن سُنّة الله ثابتةٌ في نصرِ عباده المؤمنين، وتأييدهم وتسديدهم، والتمكين لهم في الأرض، وهذه الوعود الإلهية لا تُلغي حتمية الإعداد والاستعداد الدائم لمقارعة الطواغيت، ولا تُقلل من أهمية بذل الجهود المضنية في سبيل الإصلاح والتغيير فالمطلوبُ منا لتحقيق النصّر المظفر أنّ نتوكل على اللهِ أولاً وأن نأخذ بالأسباب وأن لا نعيش حالة التواكل المذمومة، فإلى مزيدٍ من الصبر والمرابطة في ميادين النضال يا ثوّارنا الأبطال، دون كللٍ أو ملل، وسترون نجم الانتصار قد لاح في الأفق قريباً بإذن الله.
وفي خضم التطورات المتسارعة في الساحة، نتناولُ عدّة نقاط مستجدّة على المستوى السياسي والميداني:
أولاً: إنّ صدور أحكام الإعدام الجائرة بحقِ المواطنين البريئين (علي السنكيس وعبدالعزيز عبدالرضا)، يتطلبُ منا موقفاً حازماً موحداً، وأنْ نحمل القضية بجديّة كاملة، من أجل التصدّي الفاعل لهذه الأحكام التي أكّدنا سلفاً ونُجدد تأكيدنا اليوم على أنّها أحكامٌ باطلة ومرفوضة جملة وتفصيلاً، وليس لها أدنى قيمة قانونية، فالمحكمة التي أصدرت الحُكم الجائر هي محكمةٌ مخالفة لجميع الاشتراطات القانونية، ولم تتوافر فيها أدنى مقومات العدالة وافتقدت لأهم الضمانات والحقوق الأساسية للمتهمين، ويكفي بالجسد المبضّع للشهيد السعيد علي عيسى صقر دليلاً قطعياً على بُطلان هذه الأحكام التي بُنيتْ على اعترافاتٍ انتزعت تحت وطأة التعذيب.
ومن هذا المنطلق نقول: بأنّ تنفيذ حُكم الإعدام على الشابين المظلومين سيُواجههُ الثوّار بالأرواح الاستشهادية، وهذه مسؤوليةٌ حتميةٌ تُوجبُ التصدّي وهي تقعُ على عاتق جميع الشرفاءِ في هذا البلد لا سيما العلماء الربانيين العاملين حفظهم الله وأيّدهم.
ثانياً: إنّ إنهاء ما يُسمى بحالة السلامة الوطنية قد جاء نتيجة الصمود الذي سطّرهُ أبناء شعبنا في جميع الميادين، ونتيجةً لاستمرارهِ في التظاهر غير مكترثٍ وضارباً بهذا القانون عرض الجدار، قاهراً كبرياء المعتدين، فلقد أقدم النظام على إنهاء العمل بهذا القانون مكرهاً، لأنه فشل من خِلاله وعبر كلّ القسوة والعنف المفرط من كبح جماح الثورة الشعبية المجيدة، ولم يُسعفهُ استدعاء جيش الاحتلال من ثني الثوّار عن مواصلة ثورتهم بل حافظت الثورة على قوّتها وبزخمٍ مستمرٍ ومتصاعد وفي المقابلِ فقد تكبّد الاقتصاد خسائراً فادحة فاقت كلّ حدود، وأدّى فرضُ حالةِ السلامة الوطنية إلى فِرار المئات من المستثمرين، وبعد أنْ تجلّت هذه الحقيقة للطاغية حمد ومستشاريه، أعلن مجبوراً ومرغماً عن إنهاء حالة السلامة الوطنية في الأول من يونيو/ حزيران المقبل.
إنّ أبناء شعبنا سيُبادرون إلى تكثيف احتجاجاتهم التي لم تتوقف في أحلك الظروف وأشدّها قسوة، وسنعملُ مجدداً على حشد الجماهير بقوّة في جميع الساحات والميادين وفق برامج احتجاجية ضاغطة، ونحنُ نلمسُ ونستشعرُ مـدى تعطّش واشتياق الجماهير الأبية للعودة إلى ميدانِ الشهداء، ونعدهم بالدعوةِ لأكبرِ زحفٍ بشريٍ في التوقيتِ المناسبِ نحو الميدان الذي عشقوه حتى أضحى رمزاً هاماً لثورتهم المجيدة، فثقوا بأنّنا معكم في خيار العودة إلى ميدان الشهداء، وهو خيارٌ محسوم بإذن الله.
ثالثاً: في جُمعةِ المقاومةِ ندعو شعبنا الأبيّ لمضاعفةِ ما كان يسطّرهُ في كلِّ جمعةٍ من ملاحمٍ بطوليةٍ في مقارعةِ هذا النظام الفاقدِ للشرعية، الذي تعرّى تماماً أمام العالم أجمع، فكلما ازداد القمع وكلما ازدادت قسوةُ الإحتلال وطغيانه، كلما ازداد أبناءُ شعبنا في صمودهم وثباتهم ورسوخهم في الموقف والإرادة، واستلهموا نَفَسَاً مُقاوماً تضحويّاً جديداً، فهُبّوا جميعاً يا جماهير شعبنا في كافةِ المدنِ والمناطقِ للتظاهر السلمي المقاومِ في جُمعةِ المقاومة، وما النصرُ إلاّ من عندِ اللهِ العزيزِ الجبّارِ.
رابعاً: إنّ الثوّارَ يحملونَ اليوم على عاتقهم مسؤولية عظيمة تتعلقُ بمصير هذا الوطن بكلِّ مكوناتهِ الأساسية، فمصيرنا متعلّقٌ بنجاحِ ثورتنا ونيلِ حقوقنا المشروعة، فلابدّ من التكاتفِ والتعاضدِ في سبيلِ الدفاعِ المقدّسِ عن الدينِ والثورةِ والوطنِ، ويجبُ علينا أنْ نكونَ أقوياء، فالقوّةُ لغةٌ بالغةُ الأهمية وهي الأساس لكل نصر، ونحنُ في زمنٍ لا يُحترمُ فيهِ إلا القوي، ولا يُعير فيهِ العَالَمُ اعتباراً للضعيف، لذا فنحنُ ندعو الجماهير الأبيّة لكسرِ حاجز”الخوف” الذي يسعى لفرضهِ علينا العدو من خِلالِ الممارساتِ والانتهاكاتِ الحقيرةِ، ولا سيّما عبر المُداهماتِ الليليةِ للمنازلِ وأسّرِ الناشطين وعدم استثناءِ النساء من الأسر فعلى الجماهير الوفيّة لدماءِ شهدائها أن تستلَّ فتيلَ الخوف من النفوس، فعدونا ضعيفٌ يذوبُ ويتصاغرُ أمام صمودكم وشجاعتكم، وقد رأيتم جميعاً شَجاعة الشهيدِ البطلِ عبدالرضا بوحميد الذي كانَ المفتاح الحقيقي لقلبِ المعادلة، فالشجاعةُ صفةٌ خصّها اللهُ كل كريم وحرمها كل لئيم.
المجدُُ والخلودُ لشهيدنا السعيد “عبدالرضا بو حميد” الذي احتفل أبناؤهُ اليوم على قبرهِ الشريفِ بذكرى ولادتهِ، فشهيدنا قد واجه الرصاصَ بكلِّ شجاعةٍ وبسالةٍ وانتصر على أجبنِ الناسِ من المرتزقةِ، وسطّر ملحمة الخلود في تحريرِ ميدانِ الشهداء وطردِه لجيش العار الخليفي، فطوبى لشهدائنا الأبطال على ما نالوه من الرتبِ العظيمةِ والدرجاتِ الرفيعةِ، وطوبى لكلِّ من سلك درب الشهادة وهتف بوجدانه “أنا الشهيدُ التالي”.
الّلهُمَّ ارحم شُهدائنا الأبرار واجعل لهم قدمَ صدقٍ عِنْدَكَ يا كريم….
صادر عنْ : إئتلاف شباب ثورة 14 فبراير
الخميـس 26 مايـو / أيّــار 2011م