في أعماق الوجدان حيث تحفر الذكريات أخاديد عميقة، تجري دماء الشهداء كنهر دافق يسقي أرض الحريّة والعدالة. لكلّ شهيد قصّة، ولكن هناك قصص تمسّ القلب بشكل خاص؛ قصص ذات براءة مسلوبة، حلم مكسور قبل أن يبدأ. في ذكرى استشهاد الطفل «السيّد حسن السيّد عيسى»، نستحضر ليس فقط طفولة مغتالة، بل رمزًا لنضال شعب كامل نحو تحقيق حلم الحريّة.
السيّد حسن، طفل لم يشهد في حياته سوى سنة ونصف، كانت ملامحه تحمل البراءة التي ينبغي لكلّ طفل أن يعيشها، ولكن قدره كان أن يضحي شاهدًا على قسوة العالم مبكرًا. وُلد في بلدة النبيه صالح، حيث كانت الثورة تتنفس بين جدران البيوت قبل الساحات. منذ لحظة ميلاده، كان والداه يحلمان له بمستقبل مزهر، مستقبل يسوده السلام والعدل. لم يعلما أنّ حلمهما سيتحطّم قريبًا تحت وطأة الظلم. استشهاد «السيّد حسن» لم يكن مجرّد حادثة عابرة، بل كان جريمة تلخّص معاناة الكثيرين الذين يقعون ضحايا للقمع والعنف، استنشاقه الغازات السامة التي أطلقها مرتزقة النظام عمدًا على منازل الأبرياء، والذي أدّى إلى تدهور في صحّته بشكل خطر، ليس سوى مثال على الوحشيّة التي يمكن أن يرتكبها الإنسان.
استشهاد الطفل السيّد حسن ليس نهاية قصة؛ بل هو بداية ملحمة؛ فمن قلب الظلم والألم، يتولّد الأمل والإصرار. الأطفال والأجنّة الذين لم يُمنحوا فرصة الحياة أو اغتصبت طفولتهم، أصبحوا اليوم مصدر إلهام لجيل جديد لا يعرف اليأس، فقد أثبت استشهاد هذا الطفل وغيره من الأطفال أنّ الظلم لا يفرّق بين الصغير والكبير، ما يجعل مسؤوليّة النضال واجبًا على الجميع.
إنّ ذكرى استشهاد «الطفل السيّد حسن السيّد عيسى» تحضّنا على ضرورة الاستمرار في الثورة حتى نيل حقّ تقرير المصير؛ مصير الحريّة، العدالة، والسلام الذي حُرم منه الكثيرون. يجب علينا أن نواصل ثورة اللؤلؤة بالروح الثوريّة ذاتها التي انطلقت بها، متمسّكين بذكرى كلّ براءة أزهقت ظلمًا، كي نحقق العدالة لهم ولأجيال المستقبل. لتكن ذكراهم نبراسًا يضيء دربنا نحو الحريّة، ولتكن تضحياتهم الوقود الذي يحرّك عجلة الثورة حتى تحقيق النصر.