بسم الله الرحمن الرحيم
منذ اللّحظة الأولى لدخول هذه القوّات في مارس/ آذار 2011م بدأ المسلسل الدّمويّ في القمع والقتل على الهويّة بحقّ أبناء شعبنا، واعتقال رموز الثورة، وتعذيبهم بأبشع الصّنوف، فتحت مظلّة «قانون الطّوارئ» جرى تحويل البلاد إلى جزيرة ملتهبة بانتهاك الأعراض والمقدّسات، وهدم المساجد ودور العبادة، وتنفيذ كلّ أشكال الاضطهاد الدّينيّ. وقد كان المخطّط إنزال أبشع الضّغوط والمعاناة لإجبار شعبنا وشبابنا على الرّكوع والاستسلام، وهو ما يؤشّر على الوضع المصيريّ لتلك الأشهر التي أعقبت الاجتياح السعوديّ، وتطبيق هذا القانون. من هنا، نؤكّد أنّ قدرة شعبنا على اجتياز هذا التحدّي في وجه الإرهاب والقتل والاحتلال الأجنبيّ هي التي رسمت فيما بعد العنفوان المتصاعد للثورة، وأوقعت آل خليفة في تيهٍ واسع ومتتالٍ امتدّ لسنوات، عجزوا فيها عن إخضاع الشّعب لقوّة النار والتهديد.
في هذه الأجواء، نسجّل في الموقف الأسبوعيّ العناوين الآتية:
1- نؤكّد في ذكرى إسقاط «قانون الطوارئ» سيّئ الصّيت أنّ العنفوان الثوريّ الذي تصاعد منذ الوهلة الأولى للاحتلال السعوديّ، وشمل كلّ أبناء شعبنا وشبابنا في البحرين، وتجسّد على أرض الواقع بكلّ الأشكال؛ ما كان ليحصل لولا وجود رؤية شرعيّة وقياديّة واضحة في تثبيت الحقّ بالمقاومة، وهي الرّؤية التي عبّر عنها الفقيه القائد آية الله الشيخ عيسى قاسم «حفظه الله» في أكثر من مناسبة وخطبة، وخصوصًا خطبة «سحق كلّ من يعتدي على عرض الفتيات المؤمنات»، والتي شكّلت متحوّلًا مهمًّا في تأسيس الوعي الثوريّ المقاوم، وانطلاقًا من أرضيّة الرّدع ومواجهة العدوان، وعلى النّحو الذي زرع، بحقّ، البذور الطبيعيّة والشرعيّة لمرحلة «الدّفاع المقدّس» والسلميّة القرآنيّة. ورغم تباين الظّروف الخارجيّة نؤمن بأنّ هذا الوعي المقاوم لا يزال قائمًا ويجب أن يبقى كذلك، لأنّ بناء هذا الوعي ليس مرهونًا بالأحوال المتغيّرة، بل هو رؤية استراتيجيّة تستند إلى المنطق القرآنيّ: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ}، وأنّ الكيان الخليفيّ لا يزال على غيّه وإجرامه وعمالته؛ ما يجعل النضال من أجل الحريّة والتحرير قائمًا، ويتطلّب الإعداد والجاهزيّة وعلى كلّ المستويات.
2- إنّ بقاء الطّاغية حمد على رأس كيان الاحتلال الخليفيّ هو عنوان آخر يثير الاستفزاز والاشمئزاز لدى شعبنا في البحرين. فهذا المجرم هو رمز الحقبة الأسوأ في تاريخ هذه الأجيال، وارتبط ظهوره – حتّى اليوم – بكلّ الفواحش والجرائم، فهو عنوان الكذب والخداع والغطرسة، وفي عهده توسّع الفساد وتدمّر اقتصاد البلاد، وحوّلها إلى مزرعة مستباحة لأبنائه المراهقين، وزاد من حرمان الشّعب وإفقاره، وأشرف على الخطّة الأخطر لتخريب تركيبة السّكان عبر التجنيس، واستجلاب المرتزقة، ومحاربة الهويّة الأصيلة، ثم كانت على يديه جريمة الخيانة بتسليم الوطن للأجانب، ودعوة الاستعمار إلى العودة عسكريًّا وسياسيًّا وأمنيًّا، وتوقيع اتفاقات التطبيع مع عدوّ الأمّة وقاتلها. إننّا في الوقت الذي نرى أنّ الصّراع الجوهريّ في البحرين يرتبط – مباشرة – بأصل الكيان الخليفيّ ووجوده غير الشرعيّ؛ نترجم هذه الرؤية من خلال الالتزام برفض التّعاطي مع هذا الطّاغية الخائن، معتبرين أنّ أيّ تقارب أو تفاوض مع الواقع الرّاهن لن يكون محلّ قبول وثقةٍ ما لم يسبقه إسقاط منظومة الفساد والاستبداد التي يتربّع فوقها الطّاغية حمد وأبناؤه وحاشيته الفاسدون.
3- في الثالث من يونيو/ حزيران من كلّ عام، يستحضر شعب البحرين – وكلّ الشّعوب المستضعفة – ذكرى رحيل ناصر المستضعفين وقاطع يد المستكبرين، الإمام روح الله الموسوي الخميني (قدّه)، الرّجل الذي غيّر وجه التاريخ والمنطقة بفضل جهاده وثورته الشّعبيّة المنتصرة في إيران، ليمدّ في رحابها يد العون والنصرة إلى كلّ المستضعفين في العالم، دون تمييز أو منّة، وهو ما أرعب طغاة المنطقة وعملاء أمريكا من الجمهوريّة الإسلاميّة، واندفعوا لتشكيل حلف الشّر بقيادة الشّيطان الأمريكيّ الأكبر، وبمحوره الصّهيونيّ، لإضعاف إيران ومحورها المقاوم، وقد مُدّ الأمريكيّون والصهاينة بالعون والأموال من حكومات الخليج العميلة، وأعانوهم بالفتاوى والإعلام والمرتزقة لتنفيذ مشاريع الفتن والاقتتال الأهليّ لمحاصرة المقاومة ومحاورها.
إنّ التهديد والترعيب الذي تتعرّض له إيران اليوم هو بسبب مشروعها الخمينيّ العظيم، وهو ما يعني أنّ الأخطار المحدقة بها ليست منفصلة عمّا تواجهه مشاريع التحرير في منطقتنا والعالم، وأنّ الدفاع عنها وعن قيادتها الحكيمة والشجاعة إنّما هو دفاع عن مشروع الشّعوب المستضعفة في مواجهة المستكبرين والمحتلّين، وأيّ تهاون أو تراجع في هذا الدّفاع سينعكس تراجعًا في نهضة الشعوب ومسيرتها نحو الاستقلال والسّيادة.4- في أجواء موسم الحجّ العظيم، واقتراب عيد الأضحى المبارك؛ نشدّد على المضامين الربّانيّة لهذا الموسم العباديّ الجهاديّ، ولا سيّما شعيرة إعلان البراءة من المشركين والمستكبرين والطّواغيت في كلّ العالم، وتأكيد النصرة للمظلومين والمستضعفين، وخاصّة أبناء غزّة الذين يتعرّضون لإبادة شاملة أمام مرأى العالم المنافق والموقف المخزي لأنظمة العرب وفي مقدّمتهم حكّام الخليج المطبّعين. ونؤكّد في هذا الخصوص أنّ احتكار الكيان السّعوديّ لتنظيم هذا الموسم، ومنعه أيّ شكل من أشكال الإحياء الواقعيّ للحجّ هو ما يجب أن يكون موضعًا للتنديد والاستنكار، ونعيد دعوتنا إلى ضرورة أن تتولى الدّول الإسلاميّة قاطبة مسؤوليّة هذا التنظيم، ومن خلال آليّة إداريّة تمنع أيّ تدخّل مسيء أو تحريف لهذا الموسم الكبير. إنّ آل سعود ليسوا جديرين بأن ينالوا شرف خدمة ضيوف الرحمن، ونحن نعلن ذلك بوضوح تام، فأيديهم غارقة في سفك دماء أبناء القطيف وشعب البحرين واليمن وشعوب المنطقة، وهم حاضرون في كلّ الدّمار والخراب الذي يعمّ المنطقة وشعوبها منذ عقود طويلة، حتى يومنا، وكانوا ذراع التكفير والإرهاب الطّائفيّ ولا يزالون، وهم اليوم رأس حربة في تمييع شباب الأمّة وهتك قيمها وأخلاقها، وتحويل أرض الحرمين الشّريفين إلى بؤر للفساد العالميّ؛ فحريّ أن يتكاتف المسلمون من أجل تحرير الحرمين من سيطرة هؤلاء المجرمين الفاسدين.
المجلس السيّاسي – ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
الإثنين 2 يونيو/ حزيران 2025مالبحرين المحتلّة