صدر عن المجلس السياسيّ في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير الموقف الأسبوعيّ، هذا نصّه:
بسم الله الرحمن الرحيم
يتوجّه المجلس السّياسيّ في ائتلاف 14 فبراير بالتعظيم والتقدير للهبّة الشعبيّة التي شهدتها مناطق البحرين في الأيّام الماضية إحياء للذّكرى الثّامنة لاجتياح «ساحة الفداء» في منطقة الدّراز واستشهاد كوكبة من خيرة شباب البحرين الفدائيّين الذين رابطوا في ساحة الدّفاع عن آية الله الشّيخ عيسى قاسم (حفظه الله تعالى)، وقدّموا نموذجًا عاليًا في الصّمود والتضحية من أجل الدّين والعقيدة.
ونؤكّد أنّ إقدام قوّات الكيان الخليفيّ على قمع تظاهرات إحياء الذكرى هذا العام إنّما كان تعبيرًا عن صدمته من هذا العنفوان الشّعبي المتواصل، وفشل كلّ محاولاته في الإجهاز على حضور الشّعب في السّاحات وتمسّكه بقيادته الربّانية المتمثّلة في آية الله قاسم، وعدم تواني أبناء هذا الشّعب عن تلبية نداء الدّفاع عن هويّة الوطن وأصالته في مواجهة مشروع الكيان الخليفيّ بفرض الهيمنة الخارجيّة ونشر التّغريب وإلحاق البلاد القسريّ بالبلطجة الدّوليّة التي تقودها الولايات المتحدة.
ونسجّل في الموقف الأسبوعيّ العناوين الآتية على ضوء الأحداث الجارية والمستجدّات:
1- ظنّ الكيان الخليفيّ أنّ برامجه وخططه في السّيطرة الأمنيّة على الواقع المحلّي، ومحاصرة قوى المعارضة، ومساعيه المدعومة من الأمريكيّين والبريطانيّين في تقويض الحراك الشّعبيّ والثوريّ في البلاد ستؤدّي في نهاية المطاف إلى تركيع الشّعب وإجباره على التّنازل عن ثورة 14 فبراير وأهدافها المشروعة، ولكنّ الخليفيّين أصيبوا بخيبة أملٍ مريرة إزاء يقظة هذا الشّعب ووعيه وقدرته على تجاوز التّحدّيات والمعاناة، ونسجّل لشعبنا العزيز أنّه كان وفيًّا لقائده آية الله قاسم الذي أعلن منذ سنين أنّ الشّعب «لن يوقّع على صكّ العبوديّة والذّل والهوان»، وهو وفاء كبير تجلّى بوضوح مع إحباطه كلّ المشاريع المجهّزة على مدى سنوات لتفكيك علاقته مع قيادته ورموزه وعزل الجيل الجيد عن ثورته المباركة، وإدخال اليأس والإحباط والتراجع، ولكن كلّ ذلك ذهب سدى، ونجح التآزر والتلاحم الشّعبيّ في الإبقاء على جذوة الثّورة، وتحويل التّحدّي والألم إلى فرص جديدة لإنعاش قوّة الشّعب وحضوره الثّوريّ، لذلك كان تجديد العهد للقيادة والثورة هذا العام تتويجًا لانتصار الشّعب على الطاغية ومرتزقته وحماته، ونضع ذلك في سياق يقيننا أنّ «الطوفان قادم»، وأقوى ممّا يتخيّل المجرمون.
2- إنّ قمع مرتزقة الكيان الخليفيّ للمواطنين المشاركين في إحياء ذكرى مجزرة «ساحة الفداء» أثبت، أوّلًا، أنّ هذا الكيان باق على إجرامه وعدائه للشّعب ورموزه، وأنّ كلّ أكاذيبه لتحسين صورته وتجميلها للرأي العام الخارجي باتت في الحضيض وعلى مرأى الجميع، لأنّ طبعه في القتل والإرهاب أقوى من التطبّع المصطنع بحقوق الإنسان. ثانيًا، برهن المشهد المتجدّد في الهجوم الوحشيّ على النساء والأطفال والشيوخ، ومطاردة الشّبان في الأزقة والتنكيل بهم أنّ الكيان الخليفيّ يرى في وفاء الشّعب لقيادته وشهدائه وهويّته وعقيدته إشعارًا مباشرًا بفشل مشروعه في استئصال الهويّة واقتلاع جذورها وثمارها، وهذا الفشل الذريع جعله يكشّر مرّة أخرى عن بشاعته ضدّ المتظاهرين والانتقام الوحشيّ منهم.
ثالثًا، أكّد أنّ زيارة المجرم ترامب الأخيرة إلى المنطقة واجتماعه بطغاة الخليج، أعطت الطاغية حمد الجرأة والاطمئنان لتكرار جريمة اقتحام الدراز والتنكيل بالمتظاهرين، وهو ما تعزّز مع زيارة وزيرة الأمن الداخليّ الأمريكيّ «كريستي نويم» وحفاوة الطاغية بها، ولقائها وزير الدّاخلية الخليفيّ المجرم «راشد»، وهي معروفة بسياستها الأمنيّة المتشدّدة ودعمها الكيان الصّهيونيّ، وهو ما يفسّر تصاعد حملات القمع الأخيرة التي تشهدها البلاد، والتضييق المتزايد على السّجناء السّياسيّين وقادة الثورة الرّهائن. إنّ كلّ ذلك يؤكّد اعتقادنا أنّ الأمريكيّين والصّهاينة يتولّون في البحرين، وبشكل مباشر، شؤون إدارة القمع السّياسي وحرب الهويّة بحقّ الشعب أسوة بحرب الإبادة التي تجري في فلسطين ولا سيّما غزّة.
3- نعزّي شعبنا في البحرين برحيل سماحة الشّيخ عبد النبي الدّرازي (أبو تقى) ونعبّر عن خالص المواساة لأهله وإخوته الذين عاشوا معه بواكير العمل الإسلاميّ الحركيّ في البحرين، إذ كان للرّاحل دوره المؤسّس للحركة الإسلاميّة المعاصرة في البلاد، وأسهم مع إخوانه في إنتاج قواعد الوعي والصّحوة الإسلاميّة التي شهدت البلاد انطلاقتها مع عقد السّبعينيّات من القرن الماضي. كما كان للرّاحل إسهامه المباشر في مواجهة الاستبداد وتعزيز الهويّة والانتماء لأصالة هذه البلاد وتاريخها العريق. ندعو كلّ أبناء شعبنا للمشاركة الواسعة في مراسم تشييع الرّاحل وحضور مجالس الفاتحة، وتخليد أدواره الحميدة في العمل الدّيني والسّياسيّ المبارك.
4- بمناسبة الذّكرى الخامسة والعشرين لتحرير جنوب لبنان من دنس الاحتلال الصهيونيّ، نتقدّم بأجمل التهاني والتبريك إلى الشّعب اللبنانيّ الشّريف ومقاومته المضحّية والشّجاعة، مستذكرين قائد المقاومة وسيّد التحرير الشّهيد الأقدس «سماحة السّيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه)»، الذي فتح مع إخوانه من القادة الشّهداء عصر الانتصارات الكبرى، وأسقط أسطورة «الجيش الذي لا يُقهر». إنّ إحياء هذه الذّكرى وتمجيدها والتمسّك بدروسها وجواهرها هو الرّد المناسب على حرب الإبادة المستمرّة في غزّة وفلسطين، وعلى العدوان المتواصل على لبنان واليمن وسوريا. فرغم كلّ هذا العدوان والتهديدات الصهيونيّة المتواصلة ضدّ المقاومة ومحورها وشعوبها، فإنّ هذه الأمّة ستنظر إلى هذا الكيان على أنّه «أوهن من بيت العنكبوت»، وأنّه كيان مؤقّت يجب أن يزول، وستبقى المقاومة نهجًا ثابتًا وممتدًا جيلًا بعد جيل، يحفظ وصايا شهيد الأمّة ويلتزم بالوفاء والعهد له وللقادة الشهداء تحت شعار «على طريق القدس»، وحتّى التحرير الكبير بإذن الله تعالى.
المجلس السّياسي – ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
الإثنين 26 مايو/ أيار 2025م
البحرين المحتلّة