في الثاني عشر من مايو/ أيّار 2011، انطلقت شرارة الدفاع المقدّس في البحرين، هبةٌ بكلّ ما تحمل الكلمة من معنى، ملهمة الأجيال حول العالم بثورةٍ أسّست لمرحلة جديدة من النضال ضدّ الكيان الخليفيّ. لقد كانت صرخة الحريّة تعبر الآفاق، تنشد العدالة وتصدح في وجه الظلم والاضطهاد بلا هوادة.
الذكرى الرابعة عشرة لهذه الهبّة تأتي لتمنحنا فسحة للتأمل في الأسباب العميقة التي أشعلت جذوتها. لم يكن «الدفاع المقدّس» مجرّد فعل انفعاليّ إنما نتاج حاجة ملحّة إلى الدفاع عن الأعراض والقيم، وحماية المقدّسات وصون حُرمة البيوت، والتشبّث بأبسط مقوّمات الحياة الكريمة.
لقد امتزجت دماء البحرينيّين بتراب الوطن فأثمرت وعيًا وطنيًّا شامخًا، حيث شكّلت مرحلة «الدفاع المقدّس» منعطفًا جسورًا نحو اصطفاف جموع الناس حول منارات الحريّة والعدالة. كانت صيحةً عزيزةً، تعلق في الأرواح وتشجب الصمت إزاء ما تواجهه البحرين من تحدّيات.
هذه الذكرى ليست للاحتفال فحسب، بل هي فرصة لاستقاء الدروس، لنفهم كيف نستثمر تلك التجربة في تعزيز مسيرة نضالنا. فكلّ يوم يمرّ هو دعوة جديدة إلى الإصرار على الحقّ والعدالة، وإدراك حتميّة الحفاظ على وحدة الصف وتماسك البنيان البحرينيّ.
روح الوحدة التي سادت في تلك المرحلة المضطربة يجب ألا تذبل أو تخبو؛ فهي الدافع الأسمى لتحقيق المزيد من الانتصارات والإنجازات.
تشتعل ذكرى انطلاق «الدفاع المقدّس» في قلوبنا كشعلة لا تنطفئ، تضيء الدرب لنا جميعًا نحو الحريّة وتجديد العزيمة لاستكمال رحلة النضال نحو غدٍ مشرق.
على هذه الأرض الطيّبة، نحتفي بتضحيات السابقين، نستلهم منها الشجاعة والإصرار، ونجدّد العهد على أن تكون تلك التضحيات محفزًا لنا، لنواصل السير على درب الأحرار حتى نرتقي بالبحرين إلى مصاف الأوطان الحرة، العزيزة، العادلة، تضمّ جميع أبنائها وبناتها في كنف الأخوّة والسلام.