في أحضان الذكرى الأليمة، نجتمع اليوم حاملين شعلةً من الغضب والأسى، نستحضر روح الشهيد البطل «محمد سهوان»، الذي أريقت دماؤه الزكيّة كرمزٍ للتضحية في سبيل حريّة وطنٍ يلتهب بنار الظلم والاستبداد.
شظايا الظلم تتلألأ في جبين البطولة
ثمانون شظيّة اخترقت جسد سهوان، ليس فقط جسده بل قلب كلّ حرّ شهد طغيان القمع. كلّ شظية كانت سؤالًا من أسئلة الوطن، ممهورةً بدموع أمٍّ، وأنّات أبٍ، وأحلام طفلٍ لم يعتد حتى اللعب بأمانٍ تحت سماء البحرين.
«إنّني أموت»، كانت كلمات الشهيد التي طالت حناجرنا قبل قلوبنا، كلمات تُلقي بثقلها على عاتق هذه الأمّة، داعيةً إلى استفاقةٍ من ثباتٍ طال أمده.
جسر مهجور وأمنيات مكبّلة
معاناةٍ متصلة في رحلة البحث عن شفاء لا يأتي، وخوفٍ من اعتقالٍ يطارد الخُطى حتى على جسر الشهيد النمر. لكنّ إرادة الشفاء التي نسجها الشهيد بإصراره على الحياة، توقّفت عند قيود الدوحة، حيث خان القدر آمالَهُ وغدرت السلطات بضميرها.
حكايات تعذيب خلف جدران الموت
في أقبية المخابرات، حيث يختلط الصراخ بصمت الجدران، تلوّنت حكاية سهوان بألوان التعذيب البشع، ضربٌ وصراخٌ وظلامٌ مؤلمٌ، لتُخلق روايةً عنف تتمنّى السلطات محوها من ذاكرة التاريخ.
أحكام وسيناريوهات واهية
عشر سنواتٍ من الألم والعزلة قضاها سهوان خلف القضبان، بناءً على اعترافاتٍ انتزعت بالإكراه وعلى مزاعم لا تأخذ بالحسبان إلّا حبرًا صُنع من كذب.
واجب الإنسانيّة ونداء الحريّة
بكلّ ما في القلب من ألم، ومن عزّة وكبْرياء، أطلق الشهيد نداءه الأخير، موجّهًا إيّاه إلى الأحرار والضمائر الحيّة. نِداءً لم يُستمع له، فسُلِبَ حقُّه في العلاج كما سُلِبَ حقُّهُ في الحريّة.
تخليد الروح وكسر القيود
في «رواية جو»، بين سطور المعاناة وصحائف البأس، يُولدُ «الشهيد محمد سهوان» من جديدٍ كفكرة، كشمس لا تغيب، لنا وللأجيال. يُرشدنا إلى أنّ السجن ليس إلّا قاعةً للتعلّم، تحضُّنا على كسر الطغيان، وتدفعُنا لنحوّل جُدُرانه إلى أدراج نحو النور.
في ذكرى «الشهيد محمد سهوان»، نحن لا ننعى جسدًا رحل، بل نحيي قيمةً ومعنى. نحيي إرادة تقول: إنّ الطغيان، مهما علت قسوته، زائلٌ، وأنّ الحق لا بدّ أن ينتصر، وأنّ دماء الشهداء ستظلّ مشعل حريّة يستنير بها درب الأحرار.
للشهيد محمد سهوان نقول: سلامٌ على سيرتك الطاهرة، سلامٌ على الأرض التي ضمّت جسدك، وسلامٌ على كلّ روح آثرت الحريّة حتى وإن كان ثمنها الحياة. فنيت، لكن في استشهادك ولدت قوافل من الثائرين، تتوق لحقّ العيش بعزّة وكرامة.