1- كانت جريمةُ إعدام شبابنا في العام 2017 رسالةً دمويّة من الطّاغية حمد لإنزال الرّعب والانكسار على أهالي الشّهداء وعموم الشّعب، ولم تكن تلك الرّسالة مجرّد تعبير عن التاريخ الأسود للطّاغية وقبيلته الغازية، بل عكست أيضًا اليأسَ من هزيمةِ هذا الشّعب والقضاء على حراكه الثوريّ، رغم كلّ القتل وقوّات المرتزقة التي سُلّطت على أبنائه طيلة سنوات من انطلاقِ ثورته المباركة. ولم يكن غريبًا ردّ شعبنا وأهالي الشّهداء على رسالةِ الطاغية، حيث رَفعوا الأصوات القويّة واحتشدوا في السّاحات وجدّدوا العهدَ للشّهداء والثورة، وأطلقوا بهذا الصّمود المضاعف الرّصاصات القاتلة على قلب الطاغية، وجَعلوا من الرّصاصات الغادرة التي اخترقت قلوبَ شبابنا الثلاثة ثقوبًا محفورةً في جسد الوطنِ السّليب لتذكّر الجميع بسيرةِ الشّهادة والبطولة، وتحفّزهم يومًا بعد يوم على المضيّ والعنادِ على طريق الحقّ، حتى إسقاط نظام الفساد والاستبداد، وإنزال القصاصِ العادل بحقّ كلّ القتلةِ والجلاّدين: ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا، إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا، وَنَرَاهُ قَرِيبًا﴾.
2- في المناسبةِ نفسها؛ يحقّ لشعبنا العزيز أن يخلّد الوقفة الزينبيّة لـ«أمّ الشّهيد سامي مشيمع» التي أرادَ الطاغية أن يمزّق قلبها وقلوب عوائل الشّهداءِ عندما أرسلَ إليهم ملابسَ إعدام الشّهداء الثلاثة وهي ملطّخة بدمائهم الزّكية، ولكنّها اختصرت موقفَ أمّهات الشّهداء وصَرَخت بأعلى الصّوت بشعار «ما رأيتُ إلّا جميلًا» وهي في قمّةِ الشّموخ والإباء. إنّ هذا الموقف التاريخيّ جديرٌ بأن يُكتب على جبينِ الزّمن وأن تستذكره أجيالُ البحرين وهم يتصفّحون تاريخَ هذه البلاد ونضالَ رجالها ونسائها من أجل الحريّةِ والكرامة. وفي هذا السّياق، ندعو المعنيّين إلى تكريم والدة الشّهيد مشيمع وتعظيم شأنها بكلّ الوسائل، ولا سيّما وهي تواصل حتّى اليوم صمودَها وتحدّيها لما تتعرّض له وأبناؤها من انتقام واستهدافات مستمرّة.
3- نحذّر من إقدامِ الطّاغية وعصابته على تكرار جريمةِ إعدام شبابنا الرهائن حيث يعاني السّجناء السّياسيّون والمحكوم عليهم بالإعدام من إجراءاتٍ متواصلة من التّضييق والحرمان من العلاج والحقوق الطبيعيّة داخل السّجن. لقد بات الكيان الخليفيّ اليوم – وأكثر من أيّ وقت مضى – محكومًا بالإرادةِ الخارجيّةِ ومصالح القوى الإقليميّة المعادية، وغير خافٍ أنّ هذا الكيان يخضعُ بالمطلق لإملاءات الكيانِ السّعوديّ المجرم الذي يشنّ حملات اعتقال وإعدامات بحقّ المظلومين في الجزيرة العربيّة. وفي ظلّ التطوّرات الإقليميّة، وخصوصًا ما يُحضّر له في سورية، وما يتعرّض له اليمن العزيز من عدوانٍ وخطط إجراميّة؛ ليس مستبعدًا أن يكشّر الطّاغية حمد مجدّدًا عن أنيابه الخبيثة، ويُعيد تحريك أساليبهِ المعتادة في تنفيذ ما يُملى عليه لخدمةِ الأجندة الصّهيونيّة الأمريكيّة في المنطقة انطلاقًا من البحرين. إنّ ذلك يستدعي الحيطة والحذر من كلّ القوى الخيرة في بلادنا، وأن يتداركَ الجميعُ المخاطر المحتملة عبر تعزيز الوحدةِ الوطنيّة وتوثيق التماسك بين أبناء المجتمعِ ومكوّناته الأصليّة تحت مظلّةِ العمل على بناء وطن حقيقيّ يعبّر عن إرادةِ الشّعب وسيادته.
4- مع اقتراب شهر الثّورة في فبراير؛ يتجدّد موقفُ شعبنا الرّافض لدستور الطّاغية وكلّ مشاريعه في الاستئصالِ السّياسيّ والإبادة الجماعيّة لهويّةِ المواطنين الأصليّين. إنّ ذكرى الثورة الرابعة عشرة ستكون محاطةً بالعديد من التحدّيات، ولكنّها ستدخل عامها الجديد وهي أكثر وضوحًا في مشروعها السّياسيّ المتمثّل في تقرير مصير الشّعب وحقّه في كتابةِ دستورٍ وطنيّ يُفرِزُ دولةً ديمقراطيّة عادلة.
وفي حين يتستّر الكيانُ الخليفي بأوهام الغَلبةِ، والاستقواء بالخارج، والتّحالف مع الأمريكيّين والصّهاينة؛ تعزّز التطوّرات الجارية في المنطقة الإيمانَ بإرادة الشّعوب الحرّة وقدرتها على تغيير مجرى الأحداث وقلب موازين قوى الاحتلال والعدوان في المنطقة، وهو إيمانٌ ترسّخَ لدى شعبنا العزيز في كلّ الجولات والمحطّات التي واجهَ فيها الضّربات الأمنيّة والضّغوط السّياسيّة والمعيشيّة لإجبارهِ على رفع الرّاية البيضاء، فلم يَعُد إلى الوراء، وما دَخلَ الناسُ بيوتهم يائسين عاجزين، بل تكرّسَ لديهم الوعي التغييريّ وعدم القبول بالوضعِ الرّاهن والامتناع عن التّطبيع مع الظّلم والظالمين، وكان رهانهم الاعتصامُ بحبلِ الله تعالى والإيمان بوعدهِ للصّابرين، وثقتهم بقيادتهم الرّبانيّة ورموزهم المضحّين، وهي العناوينُ التي ستتجلّى إن شاء الله تعالى في الإحياءِ المقبل لذكرى الثورة، والتي ندعو الجميعَ إلى التحضير الواسع لها داخل البلاد وخارجها، وتحت الشّعار الموحّد الذي ستُعلن عنه قوى المعارضة.