في قلب معركة الكرامة التي تشهدها بلادنا البحرين، حيث تتصدى الإرادة للظلم والعدوان، تتجلّى بطولات الشهداء كنبراس يضيء درب الحريّة، ويحفر في وجدان أمّتنا ذكريات لا تُنسى من النضال والتضحية.
من بين هؤلاء الشهداء، يبرز اسم أحمد عبد الأمير، فتى في ربيعه الخامس عشر، نسج من حروقه البليغة واستشهاده معاني الفداء والعزّة.
يوم الجمعة، الموافق للثلاثين من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2013، شهدت بلدة السنابس مأساة تفطرت لها القلوب، وغلت لها دماء الحريّة في عروق الأحرار. أحمد، ذلك الفتى البحرانيّ الذي كان يحلم كأيّ طفل بمستقبل مشرق، أصيب بحروق خطيرة في واقعة مروّعة عكست ظلمًا لا يوصف وقسوة لا تُحتمل.
لم تكن إصابته مجرّد حادثة، بل كانت رسالة قاسية موجهة من النظام الخليفيّ ومرتزقته، تلك السلطة التي تواصل قمعها وترهيبها لشعب مناضل يسعى لنيل حريّته وحقوقه المشروعة.
لم يكن الظلم والوحشيّة فحسب ما تعرّض له أحمد، بل تعدّدت أوجه القسوة عندما منعت مرتزقة العدوّ الخليفيّ سيارة الإسعاف من دخول البلدة لإسعافه في الوقت المناسب. استهتار متعمّد بأرواح الأبرياء، وتجاهل واضح لأبسط مبادئ الإنسانيّة، وذلك كلّه تحت راية القهر والاحتلال.
روح أحمد التي التحقت بربّها تحمل في طيّاتها قصّة نضال وتضحية. فلن يُنسى العدوان الذي تعرّض له صباح ذلك اليوم الأليم، كما أنّ الحروق التي اكتوى بها جسده لن تُمحى مِن ذاكرة شعبنا البحراني. إنها تُذكّرنا بثمن الحرية، وبالمعاناة التي يجب أن نواجهها في سبيل رفعة الوطن وكرامته.
إنّ ذكرى استشهاد أحمد عبد الأمير هي دعوة لنا جميعًا لنتّحد ونقف صفًا واحدًا في وجه الطغيان والاستبداد، فُرصة لإعادة النظر في معنى التضحية والنضال، وتأكيد لضرورة مواصلة الكفاح حتى نيل الحريّة والعدالة لكل شهداء الغدر والعدوان.
أحمد، وكلّ شهدائنا، لم يرحلوا بلا ثمن. بل قدّموا أرواحهم قربانًا لمستقبلٍ يسوده العدل والسلام. تحيّة لروح أحمد الطاهرة ولكلّ من ضحّى من أجل حريّتنا وكرامتنا. ستبقى نضالاتهم وتضحياتهم محفورة في قلوبنا، ملهمة أجيالًا تسير على درب الحريّة والكفاح.
النضال من أجل الحريّة والكرامة لم ينته بعد، وذكرى أحمد عبد الأمير تؤكّد لنا، مرّة أخرى، أنّ طريق الحريّة مليء بالتضحيات، ولكنّه طريق لا مفرّ منه. لن ننسى، ولن نغفر، حتى يتحقق العدل.
إلى الأبد، سيبقى الشهيد أحمد عبد الأمير رمزًا للنضال، شاهدًا على جرائم العدوان، شعلة تنير درب الأجيال القادمة في سبيل الحريّة والكرامة.