في زمن تتشابك فيه خيوط النضال مع أوتار الأرواح، نقف اليوم لنحيي ذكرى شهيد صادق آمن بقضيّة شعبه وضحّى من أجلها بالغالي والنفيس.
«محمّد عبد الجليل يوسف علي عبد الله» اسم سطّر بمداد الفخر في سجلّ البطولة والتضحية، استشهد من أجل حياة كريمة للأجيال القادمة، ارتقى شامخًا كنخل بلاده، قويًّا كبنيانها.
وُلد الشهيد «محمّد عبد الجليل» في كرباباد، تلك الأرض العريقة التي تفوح من ترابها رائحة الحريّة، شاب في عمر الزهور، عشرين ربيعًا لم يعشها سُدى بل جعل منها منبرًا للدفاع عن الحقّ، رحل باكرًا في الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول من العام 2013، بالقرب من بلدة القلعة، حيث كان يستعدّ رفقة أصدقائه للمشاركة في إحدى المظاهرات الشعبيّة، مؤمنًا بأنّ صوته سيجلب العدل؛ وكان ضمن المجموعة المعنيّة بتأمين سلامة المشاركين في الاحتجاجات، ومنع اقتحام مركبات المرتزقة للمنطقة.
مساء يوم الحادث، وفي أثناء الاستعدادات للمظاهرات، وقعت الحادثة المؤلمة والمفجعة، تعرّض محمّد لإصابة بليغة في رأسه إثر سقوط جذع نخيل فجأة فوقه؛ ما تسبّب له في تهشم شديد، الرفاق ومن حوله هرعوا لنجدته، حيث نقل فورًا إلى المستشفى الدوليّ آملين في أن ينجو بحياته، لكنّه ما لبث أن فارق الحياة قبل أن يصلوا، لتظلّ الطريقة المأساويّة التي رحل بها رمزًا للعذوبة الحتميّة للمصير، وتعكس أيضًا الرغبة الجامحة لدى الشهيد في القتال من أجل حقوقه وحقوق مجتمعه.
كلّ عام، مع دوران الزمن إلى تلك النقطة المصيريّة من شهر سبتمبر، تتجدّد أصداء ذكرى الشهيد محمّد، نستلهم من كفاحه دوافع جديدة للتمسك بالمبادئ التي ضحّى من أجلها، نزرع في أرضنا التزامًا يحاكي صلابته وفدائه؛ نجدّد العهد على المضي قدمًا في طريق العزة والكرامة، متسلّحين بروح أبناءنا البررة الذين أناروا بدمائهم درب الحريّة، اليوم شهيدنا محمّد، وغدًا نحن على درب الحريّة ماضون، معاهدين وطننا وشعبنا على ألا نحيد أو نستكين.