في اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا أعمال العنف القائمة على أساس الدين أو المعتقد، لا نذكر فقط أولئك الذين فقدوا أرواحهم بسبب التعصّب، بل نعود بالذاكرة إلى تلك اللحظات الحاسمة التي جسّدت فيها البحرين ملحمة النضال والمعاناة بيد نظام آل خليفة الذي وثّقت انتهاكاته المتكررة ضد أبناء الشعب بدافع الخوف من فقدان السلطة.
تعالت صرخات الشعب طالبة الحريّة، وتوحّدت الأصوات المطالبة بالعدالة وكفّ الاضطهاد، لكنّ النظام لم يُبدِ إلّا غبنًا واضطهادًا في مواجهة هذا الصدح الثائر. ولقد باتت المعتقلات تضيق بمن تسوّل له نفسه الحلم ببحرين تعدديّة، بحرين يُحترم فيها كلّ فرد بغض النظر عن مذهبه أو ديانته.
إنّ نظام آل خليفة هو المجرم الأوّل في العنف القائم على الدين والمعتقد في البحرين، إذ لا يتوانى عن اتخاذ الدين أداة للانقسام وتعزيز الهيمنة، وذلك عبر ممارسات تمييزيّة تستهدف خصوصًا الأغلبيّة الشيعيّة في البلاد، بدلاً من أن يصبح الدين جسرًا للتواصل والحبّ بين أبناء الوطن الواحد.
لقد سفكت دماء الأبرياء على أسوار الحريّة، وشُلّت أيدي البناء في مهدها. فكم من الأرواح الطاهرة أزهقت؟ وكم من الآمال دُفِنَت تحت الأنقاض، بينما يعتلي الاستبداد عرشه، متوجًا بسياط الظلم والغطرسة؟
اليوم، وفي هذه اللحظة التاريخية، يجب أن تكون البحرين رمزًا للثورة ونبراسًا للحريّة، تعيد كتابة تعريف العدالة في قواميس العالمين. فلتزهر من جديد بواحة للتعايش والازدهار ولكن هذه المرّة بلا استثناءات، بلا قمع، بلا إقصاء.
في خضم النضال، لا بدّ من مواصلة الكفاح، وتقوية الصفوف، وصقل الإرادات في مواجهة نظام أدرك نهايته الحتمية في كلّ هتاف حرّ، وفي كلّ دمعة أم. البحرين لشعبها جميعًا، والحريّة قادمة لا محالة، مهما كانت التضحيات عظيمة، ومهما كان الطريق شاقًا.
إنّ الثورة بكلّ معانيها وأشكالها، تتفتح اليوم على أرض البحرين، تدقّ أسوار الظلم، وتنشد لحن الكرامة لكل مواطن. ولن يقف الزمان ساكنًا، فالتاريخ يُكتب بأيدي أبناء الوطن الشرفاء، ولا يمحوه سلطان.
للبحرين، للحريّة، للكرامة.