قال النائب اللبنانيّ السابق الإعلاميّ «الأستاذ ناصر قنديل» إنّ البحرين ذات تاريخ عريق، وتاريخها ممتدّ في الثقافة والفكر والعمل النقابيّ واليمقراطيّ والصحافة، وهذه الأمور كفيلة بأن تُعرّف حجم التجربة التي يختزنها شعب البحرين في نضاله الذي يشهد العالم واحدة من ملاحمه خلال السنوات العشر الماضية.
وأكّد في كلمته التي ألقاها في «معرض ألوان الثورة» الذي أقامه ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير في العاصمة بيروت، يوم الجمعة 18 مارس/ آذار 2022، أنّ الشعب في البحرين وقواه الحيّة أوّل من أشهر السلاح في وجه الاحتلال البريطانيّ لمنطقة الخليج، وكان ثوّار البحرين نواة ثورة «ظفار» التي قاتلت المحتلّ البريطانيّ.
ولفت قنديل إلى أنّ شباب البحرين في العام 1956 هم الذين استلّوا مواقعهم النقابيّة ليعلنوا باسم عمّال مرفأ المنامة الامتناع عن ملء خزّانات الوقود للسفن البريطانيّة بالمحروقات؛ تضامنًا مع مصر عبد الناصر في وجه العدوان الثلاثيّ.
وأضاف قنديل أنّ تاريخ الصحافة العريقة، والبرلمانات التي تمّ حلّها خمس مرّات متتالية، يؤكّد أنّ نضال هذا الشعب ليس تعبيرًا عن لحظة ينتفض فيها اليوم، فهو يحمل جراحاته عبر عقود، ويتحمّل ويصبر ويصابر من أجل ألّا يسجّل في تاريخه نقطة سقوط، فبالرغم من كلّ القمع والقهر يستمرّ الشعب البحرانيّ في نضاله السلميّ، وهذه هي العلامة الفارقة الثانية التي يجب أن تسجّل لهذا الشعب وقيادته، ولسجناء الرأي فيه الذين يتحمّلون عبء العذاب والتعذيب والمرض في السجون، قائلًا «لهؤلاء نرفع التحيّة ونعلن التضامن، وندين كلّ أشكال الأذى والتعذيب والإساءة التي يتعرّضون لها على مدى سنوات في سجنهم».
وأوضح أنّ الشعب في البحرين في ثورته يعبّر أيضًا عن هذا الموقع المشترك لشعوب الجزيرة العربيّة، فعندما دخل درع الجزيرة ليقمع ثورته وحركته النضاليّة لم يفعل ذلك فقط نصرة للنظام العميل الحاكم، بل فعل ذلك كقمع استباقيّ لأيّ نهضة ثوريّة في سائر دول الخليج، لأنّ الطليعة النضاليّة التي مثّلها عبر التاريخ شعب البحرين كانت تجد صداها دائمًا في سائر دول الجزيرة؛ مؤكّدًا أنّ ثورة البحرين هي طليعة ثورات دول الخليج، ما أتى منها وما سيأتي في الطريق، وإنّ الانتصار لشعب البحرين هو انتصار لمظلوميّة كل شعوب الجزيرة العربيّة التي لن يطول الزمن إلّا وتبصر نصرها القادم، لأنّ هذه الجزيرة هي جزيرة ناصر السعيد وجزيرة المناضلين المفكّرين الذين دفعوا حياتهم أثمانًا على مذبح الحريّة، وعلى مذبح القضيّة الأساس التي كانت وستبقى قضيّة العرب والمسلمين «فلسطين»، بحسب تعبيره.
وشدّد الأستاذ قنديل على أنّ أهل المقاومة يشعرون أنهم في معركتهم الخاصّة عندما يقفون مع البحرين، فالشعب في البحرين يقاتل نظامًا ارتضى لنفسه أن يكون مجرّد أداة للمشروع الصهيونيّ في المنطقة، موضحًا أنّ التطبيع بين نظام البحرين والاحتلال الصهيونيّ ليس تعبيرًا عن لحظة ظرفيّة، بل هو تعبير عن الخيارات الأصليّة، كما أنّ وقوف محور المقاومة مع شعب البحرين تعبير عن الخيارات الأصليّة، مضيفًا «لذلك نقول لحكومتنا التي اختارت أن تجعل قضيّتها نصرة الحاكم العميل المطبّع، وما تقوله حكومتنا لا يمثّلنا ونعتذر بالنيابة عن كلّ لبنانيّ لكلّ مواطن في البحرين لنقول: نحن معكم، لستم وحدكم، قضيّتكم قضيّتنا، نضالكم نضالنا، تضحياتكم نحملها في قلوبنا ونحميها بأشفار عيوننا، ويوم نصركم ليس ببعيد، لأنّه كلّما كانت القدس أقرب صار فجر الحريّة أقرب».
ووجّه التحيّة في ختام كلمته للمشاركين في المعرض الذين اختاروا الريشة طريقة للتعبير، والذين قدّموا لوحات رائعة راقية تنبض بالحبّ والمعاني والرقيّ الفنيّ والثقافيّ، ولمنظّمي المعرض والذين أشرفوا عليه، قائلًا: «قضيّة الثقافة في منطقتنا هي جوهر الأزمة، وقضيّة المثقّفين هي أصل المشكلة، إنّ النخب الثقافيّة العربيّة، بكلّ أسف، قد ارتضت أن تخضع للدولار والمنشار، إمّا أن تطلب الدولار أو تخاف المنشار، قلّة قليلة هي التي تقف وتثبت بالوقوف لتحفظ الحقّ وكلمة الحريّة، لذلك لا تيأسوا ولا تقنطوا إن كنتم قلّة، فهذا دأب كلّ الحركات التي غيّرت وجه التاريخ، تبدأ أقلّية، لكنّ لحظة الانفجار آتية، والشعب سيحفظ لهذه الأقليّة الطلائعيّة مكانها وموقعها ودورها»، وحيّا كذلك شعب البحرين بثورته وقادته وجرحاه وأسراه.