قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: {فَرِحِينَ بِمَا ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِۦ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
سلام من الله عليكم يا شهداءنا الأبرار، يا من بذلتم الروح والدم من أجل عزّة الشعب وكرامته، يا من أعرتم جماجمكم نصرة للدين والإسلام، طبتم وفزتم فوزًا عظيمًا، فيا ليتنا كنّا معكم، السلام على كلّ قطرة دم سقطت على أرض البحرين العزيزة وأحيت ترابها وشعبها.
منذ أن سقطت أولى دماء الشهيدين السعيدين «هاني الوسطي وهاني خميس» «رحمهما الله» في تسعينيّات القرن الماضي؛ سقط معها رهان كلّ ظالم مستبدّ خبيث، فقد ارتقت تلك الدماء الطاهرة إلى السماء شاهدة على الظليمة ومطالبة بالثأر، موقّعة على وثيقة الاستمرار بالنضال حتى تحقيق الوعد الإلهيّ بنصرة كلّ الشهداء والأخذ بثأرهم.
وها نحن الآن، -وكما في كلّ عام في السابع عشر من ديسمبر – نحتفل بذكرى عيد الشهداء السنويّة، بالرغم من الصعوبات وعوائق الزمان، وذلك تجديدًا للعهد والوفاء لمقام الشهداء، وتخليدًا لذكراهم العطرة، ومواصلة لدربهم الذي رسموه، وتحقيقًا لهدفهم السامي سيرًا على خطاهم ونهجهم المبارك.
إنّ تخليد ذكرى الشهداء وإحياء أمرهم يجعلنا أكثر تحمّلًا للمسؤوليّة والتكليف الإلهيّ بمواصلة الطريق في النضال والمقاومة حتى تحقيق النصر المؤزر، فذكراهم العطرة تحيي شعوبًا اكتوت بنار الظلم والفقر، وتجعل راية العزّة عالية وشامخة رغمًا عن أنف المستكبرين الطغاة والمجرمين.
وللشهداء مكانة عظيمة ومنزلة رفيعة عند الله تعالى فقد وصفهم في كتابه المجيد بأنّهم {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}؛ فهم المسرورون والمستبشرون والفرحون حقًّا، فوالله لقد فازوا فوزًا عظيمًا ونالوا شرف الشهادة الذي قال عنه الرسول الأكرم «ص» في الحديث الشريف: «أشرف الموت قتل الشهادة».
هم الراضون بقضاء الله تعالى، المقتدون بسيّدهم وإمامهم أبي الأحرار الحسين بن علي «ع» الذي قال في آخر ساعات حياته الشريفة في يوم عاشوراء: «إلهي رضا بقضائك لا معبود سواك».
حقًّا تعجز الكلمات عن أن تفي حقّهم الكبير، وتزهو بذكرهم كلّ الحروف، فما أعظم رحيل الإنسان عن هذه الدنيا الفانية شهيدًا بين يدي الملكوت الأعلى، فعلى طريق العشق الإلهيّ قدّم شعبنا المقاوم كوكبة من الشهداء يفوح عبق دمائهم في أرجاء وطننا العزيز، مؤكّدة أنّ طريق النصر لا تصنعه إلّا التضحية والفداء وبذل النفس والروح والدم من أجل الهدف السامي، وفي سبيل الله تعالى.
فسلام عليكم يا شهداءنا يوم ولدتم ويوم تبعثون أحياء.
هذا العام، وفي خطوة موفّقة ومباركة، تجتمع أيضًا الإرادة الشعبيّة والقوى الفاعلة والحركات السياسيّة على توحيد الشعار لذكرى عيد الشهداء لعام 2021، حيث تصدّر شعار «يستبشرون» كلّ الساحات الثوريّة.
هذه الفعاليّة المباركة قد دأب فيها شعبنا المقاوم برموزه ورجاله وحرائره على الحضور الفعّال والمشاركة طيلة السنوات الماضية، وعلينا جميعًا، ومن منطلق التكليف، أن نوحّد صفوفنا أكثر فأكثر تلبية لتوجيهات سماحة الفقيه القائد آية الله الشيخ عيسى قاسم، فإنّ سرّ قوّتنا وانتصارنا يكمن في وحدتنا وتوحيد كلمتنا ورصّ صفوفنا.
إنّنا في ائتلاف شباب ثورة الرابع عشر من فبراير، والذي عمّدته دماء الشهداء النبيلة، نجدّد لهم ولعوائلهم الصابرة ولكلّ شعبنا الأبيّ في هذا اليوم ثباتنا على كلّ المبادئ والأهداف التي من أجلها قدّموا دماءهم وأرواحهم قرابين لمستقبل وواقع ننال فيه حقّنا في تقرير مصيرنا، سياسيًّا واجتماعيًّا على مختلف الصعد، ونشيد بالجهود المبذولة والوحدة المباركة لقوى المعارضة والشعب الأبيّ الصابر في إحياء عيد الشهداء لهذا العام، ونتطلّع إلى مزيد من الخطوات الإيجابيّة في توحيد الكلمة، ورصّ الصفوف لتعجيل النصر إن شاء الله.
كما ندعو جماهير شعبنا المقاوم إلى أوسع مشاركة في الفعاليّة القادمة تحت عنوان «قادمون يا سترة» بنسختها السابعة في أرض سترة الإباء والشهادة، وذلك في الأوّل من شهر يناير من العام المقبل 2022م، لنفتتح عامنا الثوريّ الجديد من أرض فاتحة النصر وعاصمة الثورة سترة الإباء والصمود.
نسأل الله الواحد القهّار أن يوفّقنا لنكون من الأوفياء لدماء الشهداء، وأن نسير على خطاهم، ويرزقنا الشهادة في سبيله، وينصر شعبنا العزيز على الأعداء والظالمين.
وما النصر إلّا من عند الله.
صادر عن: ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
فعاليّة عيد الشهداء 17 ديسمبر 2021م