ورد في نهج البلاغة لأمير المؤمنين «عليه السلام»: «أمَّا بَعْدُ، فَإنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوابِ الْجَنَّةِ فَتَحَهُ اللهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ». [نهج البلاغة: الخطبة رقم 27].
يدلّنا المجاهد الأوّل في الإسلام بعد رسول الله «صلّى الله عليه وآله وسلّم»، أمير المؤمنين علي «عليه السلام» على باب من أبواب جنان الباري «عزّ وجلّ» التي أعدّها للمطيعين من عباده، وهو باب «الجهاد»، ويضع «عليه السلام» شروطًا للدخول من هذا الباب، وأوّلها: أنّه مجعولٌ لخاصّة أوليائه.
لقد أثبتت النقولات التاريخيّة عن واقعة الطفّ جملة من الحقائق التي لا لبس فيها، وأهمّها الفداء منقطع النظير لأصحاب الحسين «عليه السلام» الذين بذلوا مهجهم دونه، وطلّقوا بما فيها من زينة، وقد جمعت هذه الثلّة مختلف الأصناف، اختلاف الأعمار، اختلاف المستوى المادي، وغيرها، إلّا أنّ حبّ الإسلام جمعهم في كربلاء.
حبّ الإسلام في العام ٦١هـ استوجب الحضور الفيزيائيّ في كربلاء، بيد أنّه في أزمنة أخرى قد يتطلّب الحضور في أماكن أخرى تُرضي الله وأولياءه، كما في زماننا الحاضر، فإنّ الإسلام يتردّد صداه في أرجاء المعمورة، والنداء ينطلق من أماكن متعدّدة، وما على المجاهد الحقّ إلّا أن يلبّي نداء ربّه في مكان يرضاه سبحانه وتعالى.
إنّ البحرين بلدٌ مسلم بشعبه الأصيل، ويتعرّض فيه عيال الله للظلم والاضطهاد، ونداء النصرة انطلق فيها من عشرات السنين، وأحقّ من لبّى هذا النداء، ويلبّيه، هم علماء الإسلام، وقد برز العديد منهم، وهم قادة الشعب ومرشدوه في المنعطفات المهمّة، وستُلْفِت السطور القادمة لليوم المخصّص لحبيب بن مظاهر الأسدي، أحد حاملي رايات معسكر أبي عبد الله الحسين «عليه السلام» إلى بعض هؤلاء العلماء.
ففي بحريننا العزيزة لدينا من العلماء المجاهدين ما يرفع رأس الأمّة، ويجعلها تباهي أقدم الشعوب جهادًا وتضحيةً وفداءً، ونذكر بالذات سماحة المجاهد الكبير الشيخ علي بن أحمد الجدحفصي «حفظه الله»، فهو من كان في مقدّمة المسيرات والاعتصامات المنادية بحريّة الشعب، بالرغم من كبر سنّه ومرضه الذي جعله يراجع المراكز المتخصّصة بين اليوم والآخر، وبالرغم من التضييق الإرهابيّ الذي يتعرّض له باستمرار.
إنّ سماحة الشيخ الجدحفصي أنموذج يحتذى به في مواجهة الباطل ومقاومته، والاستمرار في طريق الحقّ وإن عزّ الرفقاء، وحريٌّ بشبابنا الأعزّاء أن يقتدوا به في اختيار المنهج المطالب بالكرامة من دون كلل أو ملل، بل أداء الواجب وإن كثُرَت الصعاب.