قال سماحة الفقيه القائد آية الله الشيخ عيسى قاسم إنّ الإصلاح للأوضاع بين الشعب والحكومة لا يعني مجرَّد رضا الشعب ظاهرًا بحكومته، وتسليمه لها مع بقاء سوء الأوضاع في ذاته، وكونها متصفة بالظلم محكومة له، وهو الشيء الذي قد يحدث اضطرارًا، ولفقد القدرة على التغيير.
وأكّد سماحته في كلمة حول الإصلاح يوم الأربعاء 28 يوليو/ تموز 2021 أنّ العقل والإسلام لا يقدّمان شيئًا على العدل، ولا يقيمان بناءً مؤسّسًا على الظلم، موضحًا أنّ هذا دون التسامح عن حقّ هذا الطرف أو ذاك للآخر في العلاقات الشخصيّة بطيب خاطر، من دون أن يؤسّس ذلك للظلم وتركيزه وانتشاره.
ورأى الفقيه القائد أنّ الإصلاحَ عمليةُ إزاحةٍ للوضع الفاسد، وإقامةُ وضعٍ صالحٍ مقامه، وإحلالُ العدل محلّ الظلم في العلاقة، وإعطاءُ كلّ ذي حقٍّ حقّه، مشددًا على أنّه ليس من الإصلاح التهدئة الظاهريّة بين طرفين -كشعب وحكومة وفئة من أمّة وأخرى- على قاعدة بقاء الظالم على ظلمه والمظلوم على مظلوميّته، ولفت إلى أنّ هذا أساسٌ في الحديث عن الإصلاح لا مَعْدل عنه، ولا يُقبل أن تدخله المغالطات فتثبت حالة من حالات الظلم باسم التسامح الذي يتطلّبه الإصلاح؛ «إذ إنّ حقيقة الإصلاح منافية للظلم، والظلم حقيقة منافية للإصلاح».
وقال سماحته إنّ الإصلاح يمكن أن يكون جزئيًّا، ويمكن أن يكون كليًّا، والجزئيٌّ يبقى محلّ المطالبة بنقصه، ويبقى باب السّعي إلى استكمال الإصلاح بتمامه مفتوحًا، ولا يغلق قبل أن يحلَّ الصحيحُ محلّ الخطأ في كلّ مساحته، وهذا ما يقتضيه العقل والدين والمصلحة العامّة، فالإنسان يسعى دائمًا لاستكمال وضعه، والحركة المستمرّة للكمال على مستوى الفرد والمجتمع والأمَّة وظيفة الحياة عنده، والعلاقات المحكومة للظلم ولو جزئيًّا ليست طريقًا للكمال.
ودعا آية الله قاسم شعوب الأمّة الإسلاميّة إلى طلب الإصلاح إلى آخر مداه، مؤكّدًا أنّ مسيرة الكمال لا توقُّف لها في كلّ حياة الإنسان -فرده ومجتمعه- صغيرًا كان أو كبيرًا.