ليلة السادس من أكتوبر 2011 خرجت مجموعة من الثوّار، يشدّون العزم على أن تزلزل صرخاتهم المدوية منطقة أبو صيبع، ككلّ ليلة، كي تبقى جذوة الثورة مشتعلة، فالليل صديقهم، يخفيهم عن أعين السلطة، ويُخرِجون فيه مكنونات صدورهم المكبوتة من ظلم السلطة ويتحدّونها بأساليبهم الخاصة.
هذه الليلة، خرجوا على عادتهم، ولم يكن أحد منهم يظنّ أنّ المسيرة قد تقمع قبل بدايتها، وقد يرحل واحد منهم إلى مثواه الأخير شهيدًا ..
«أحمد القطان» ذو الـ16 ربيعًا كان يتصدّر المتظاهرين السلميّين والعزل، لم يكن يحمل بيديه أيّ سلاح، بل حتى لم يكن مرتديًا ملابس واقية ضدّ الرصاص.
بشجاعته المعهودة تقدّم الجموع، ليستطلع الطريق بغية التأكد من أيّ وجود لقوّات المرتزقة الخليفيّة.
من النظرة الأولى لم يرَ ما يدلّ عليهم، ولكن ما إن التفت إلى بقيّة الثوّار ليطمئنهم بأنّ الطريق آمن، وبإمكانهم الاستمرار حتى صار صدره العاري درعًا حاميًا لهم ونافذًا للرصاص.
كمين محكم أعدّه أزلام السلطة وعملاؤها استهدف الثوّار بالرصاص والقنابل الغازيّة السامة، وكان أن تلقّى الوابل الأوّل منها أحمد.
تفرّق الثوّار، وحمل بعضهم أحمد المخضّب بدماه بعيدًا عن أعين المرتزقة كي تُعالج جراحه النازفة، لكنّ الزمن لم يمهله، فلفظ أنفاسه الأخيرة وهو يقول «أريد أن أتنفّس»، نعم أراد أن يتحرّر من قيود الحياة، ويتنفّس الحريّة، فكانت له الحريّة الأبديّة حين ارتقى شهيدًا.
بقلم زهراء علي