بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمّد وعلى آله الطيّبين الطاهرين.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.
من اسم الحسين ومواقفه في النهضة الكربلائيّة وثورته العاشورائيّة ضدّ فساد بني أميّة وظلمهم، ومن حماسة أصحابه وصمودهم، وتفانيهم وتضحياتهم وشوقهم إلى لقاء الله (عزّ وجلّ) دفاعًا عن دينهم وقيمهم، نكتب رسالتنا إلى شعبنا، شعب القيم والمبادئ، شعب التضحيات في سبيل الله تعالى، والدفاع عن الدين والمقدّسات.
أعزّتي وأحبّتي، إنّ كلمات الإمام أبي عبد الله الحسين (ع) ومواقفه ترسم لنا بوضوح معالم ثورته ونهضته، فهي لم تكن من أجل الوصول إلى الحكم، وإنّما تأدية للتكليف، ودفعًا للخطر الذي يهدّد الإسلام والمجتمع الإسلامي، فهذه وصيّته وكلماته إلى أخيه محمد ابن الحنفية: «إنّي لم اخرج أشرًا ولا بطرًا ولا مفسدًا ولا ظالمًا، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدي محمد، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ، ومن ردّ علي أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحقّ، وهو خير الحاكمين». وغير ذلك من الكلمات والشعارات الواضحة التي تبيّن أنّ الثورة الحسينيّة كانت لأداء تكليف إلهيّ، وهذا التكليف يتوجّه إلى كلّ فرد مسلم عبر التاريخ عند رؤية تفشي الفساد والظلم والجور في المجتمع الإسلامي، وعند الخوف من تغيير المبادئ والقيم الإسلاميّة، وهنا نذكّر بالنقاط الآتية:
1. لست ممن يوصيكم بأيام عاشوراء، خصوصًا اليوم العاشر من المحرم، لأنّكم أبناء الحسين (ع)، ومن مدرسة الحسين (ع)، وإنّما من باب «وتواصوا بالحقّ وتواصوا بالصبر»، فيوم العاشر هو اليوم الذي وقعت فيه الفاجعة العظمى، والطامة الكبرى، يوم أقرح جفون أئمّتنا، وأسبل دموعهم، يوم الفناء في ذات الله والرضا بقضائه، والتسليم لأمره، من ثلّة آمنت بربها وزدناهم هدى، يوم النهضة في وجه الانحراف والظلم والفساد، والجور والطغيان، وفي هذا اليوم، قدمت القرابين من أجل بقاء الإسلام، والحفاظ على تعاليمه، لذا علينا أن نبذل جهدنا في إقامة الشعائر ورفع الشعارات الحسينيّة المناهضة للظلم والجور والفساد على نطاقٍ واسع، في مدن البحرين وعاصمتها، وفي أزقة البلدات وشوارعها، وأكثروا من مواكب العزاء فيها صباحًا ومساء، ولا يرعبكم ظلم الظالمين وبطش الحاقدين أو يمنعكم من ذلك أحد.
2. يا أبناء الشعب الأبيّ والوفيّ لقد تربيتم تحت منبر أبي عبد الله الحسين (ع)، وتعلّمتم شعاراته، وشعارات أصحابه وأهل بيته، شعارات تعبّر عن معاني الحرية والكرامة والعزة والشرف، ورفض الاستعباد والاستبداد والذلّ والخضوع، شعارات لها أثر عظيم في النفوس، وترسّخ حالة الوعي لدى الجميع، فلا تخلوا مسيراتكم وتظاهراتكم في شوارع مدنكم وبلداتكم من ترديد تلك الشعارات التي تقضّ مضاجع الظلمة الطغاة وترعبهم، وإن خلت ساحة من الساحات لمانع فلا تخلوا المساجد والمآتم من رفع الأصوات بالصرخات المدويّة، والنداءات التي أطلقت يوم الفداء والتضحية، يوم انتصر الدم على السيف، وانتصر الحقّ على الباطل ورفض الظلم والطغيان، لترتفع الحناجر دائمًا بنداء: «لبيك يا حسين، وهيهات منّا الذلّة، ومثلي لا يبايع مثله».
3. لا يختلف الكيان الخليفيّ الغاصب والمستبد في نهجه القمعي والعدائي ونقضه الوعود والعهود مع أبناء وشعب البحرين عن اليهود الصهاينة في نهجهم العدائي، ونقضهم العهود والمواثيق، فالقران الكريم يحدّثنا عنهم «أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم ۚ..» وبهذه السياسة الخادعة والماكرة للمسلمين والعرب تمكنوا من إقامة دويلة لهم على الأراضي الفلسطينيّة، وهذه سمة وصفة من صفات النظام الخليفي القبلي التي يشترك فيها مع اليهود، فكم من اتفاقات ووعود أبرمت بينه وبين معارضيه ثم تخلّى عنها وكأنها لم تكن، بل كان يزيد عتوّه وقمعه، ويمارس أبشع أنواع الظلم بحقّ الشعب العزيز الكريم، لذا علينا أن نكون يقظين وحذرين من نهجه اليهودي، كي لا نقع مرة أخرى أمام مخطّطاته وأساليبه الماكرة والخادعة، وما ترويجه انتخابات صوريّة إلّا أسلوب من أساليبه، ومخطط من مخططاته التي لن تؤدي إلى أيّ تغيير في المعاناة التي يعانيها شعب البحرين، ولن تحقق المطالب الحقيقيّة التي كافح وبذل من أجلها الغالي والنفيس.
4. نخاطب شعبنا المقاوم والمجاهد بأن يعي جيّدًا أنّ ما يجري وما يحصل في المنطقة، من تشريد وقتل ودمار، سواء في اليمن أم فلسطين، في سوريا أم العراق، أم غيرها من الدول الإسلامية، هو صنيعة المخابرات الأمريكيّة والصهاينة، والهدف منه ضرب الإسلام المحمدي الأصيل، واستعمار البلدان الإسلاميّة ثقافيًّا وفكريًّا واقتصاديًّا، والسيطرة الكاملة على ثرواتها ومقدراتها. وقد اصطفت كلّ قوى الشر والطغيان والاستكبار في العالم ضدّ أمّتنا ووجودها، فالأمّة الإسلاميّة كلّها تشترك في آلامها وجراحاتها، وجزء منها هو ما يعانيه شعب البحرين الصامد، فليس لنا أن نفصل القضايا في المنطقة، فكان من الواجب علينا عدم السكوت عن قضيّة فلسطين والمسجد الأقصى والدفاع عن أهل غزة المحاصرين، وكان من وظيفتنا الإنسانيّة والأخلاقيّة والدينيّة أن نقف إلى جانب الشعب اليمنيّ المجاهد الذي يقصف ويذبح أبناؤه على يد نظام آل سعود، نظام الشيطنة والإرهاب، وهكذا يجب أن تكون لنا وقفات مع قضايا المسلمين وقضايا الأمّة في العالم الإسلاميّ، فلنتعاضد ولنتآزر على كلّ المستويات في مواجهة الهجمة الشرسة المنظّمة التي تحاك ضدّ الإسلام والمسلمين.
ختامًا أجدّد لكم العزاء بمصاب أبي عبد الله الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه، وأعظم الله أجورنا وأجوركم.
رئيس مجلس شورى ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
الثلاثاء 11 سبتمبر 2018 م، الموافق 1 محرم الحرام 1440هـ