بسم الله الرحمن الرحيم
” إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ”
السلامُ عليكم أيّها الحضور الكرام ورحمةُ الله وبركاته؛
مضت أعوامٌ طويلة منذ حمل الرمزُ الحقوقيّ المناضل عبد الهادي الخواجة قضية وطنه وشعبه على عاتقه، لم يُنزل الثقل عنْ كاهله يوماً، بين مشاركٍ وداعية، وبين مناصر ومدافع، وبين منبر تثقيف وتوعيّة، كان الخواجةُ رمزاً للصدق مع نفسه وربه وشعبه، ومصداقاً للشجاعة والأنفة والإباء، وتجسيداً لمعاني النبل والصمود والعطاء.
عامٌ مضى مُنذ اعتُقل هذا الرمز البطل وغُيّب خلف قضبان الجلاد، ولم نزل تصلنا منه آيات العزة والصمود مهما قست ظروف التعذيب والتنكيل، ومهما بلغت فداحة الظلم وعتمته. فبقي يقدّم لنا حتى وهو في قبضة جلاده الدرس تلو الدرس في الثبات على الحقّ، والدفاع عن العرض والكرامة، والجهر برفض الظلم والظَلَمة أيّاً يكن الثمن، حتى كان آخر عطائه لنا ترياقاً لسموم الوهن والعجز واليأس، ترياقاً من صحته ونفسه حين أضرب عبد الهادي عن الطعام لتمتلئ نفوسنا عزةً وإباء، ولنستلهم من جوعه معاني الصمود والثبات حتى الرمق الأخير.
عبد الهادي كان سباقاً دائماً في دروب العزة، تعلمنا منه أولاً أن لنا حقّاً، ثم تعلمنا كيف نطالب بهذا الحقّ، وهو يقدّم لنا اليوم الدرس الأخير: كيف نثبت على المطلب وكيف نحصد ثمرته.
يعجز لسان الشعب عن شكر هذا البطل الذي طالما جاد بنفسه وجهده ووقته وصحته لتحريرنا من ربقة الظلم والركون إليه، ويعجز عن شكر هذه الأسرة البطلة التي جسدت أروع معاني الأسر المناضلة. لقد اختار عبد الهادي زوجاً من سنخه وربّى بناتاً هن من بنات أفكاره ومبادئه، فكان العنفوان والصمود والثبات أركان هذه الأسرة، فبوركت من أسرة هي فخر هذا الشعب.
لا نملك أنْ نعدكم بأن نكون مثل عبد الهادي الخواجة، فأمثاله قلة نادرة، لكن نعدكم أنْ نسير على نهج الثورة، وأنْ نواصل دربه، وأنْ نحفظ هذه الثورة التي منْ أجلها ضحّى بأجلّ ما عنده.
إخوانكم في ائتلاف شباب ثورة الرابع عشر من فبراير
الأربعاء المُوافق التاسع والعشرين منْ شهر فبراير / شباط من العام ألفين واثني عشر ميلاديّة