بسم الله الرحمن الرحيم
( كلمة الائتلاف المقررة في اعتصام حقّ تقرير المصير )
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه المنتجبين.
قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ صدق الله العلي العظيم
السلام على دماءِ العزةِ والكرامةِ التي أحيت البلاد والعباد بانسكابها على التراب الموجوع، لتنعش وطناً وتبعثُ أملاً لأبنائه وأهله، السلام عليكم يا شهداء البحرين الأباة، سلامُ اللهِ عليكم يوم وُلدتم ويوم استُشهدتم ويوم تبعثون أحياء عند مليكٍ مقتدر نُعاهدكم يا شهداء الثورة المجيدة بأن نكون الأوفياء لدمائكم وتضحياتكم، وأن لا نتراجع قيد أنملة ولا نتخاذل في استكمالِ ما بدأتموه بدمائكم الزكية، فألفُ تحيّة لكم يا شهداء العزّة والكرامة ورحمةُ الله وبركاته.
السلامُ عليكم أيها السادة والقادة الرازحين في السجون ما بين أغلالٍ وقيود، السلامُ على ضمائركم الحيَّة التي أيقظت كل ضمير السلامُ على صمودكم الذي أبلج كل صمود، السلامُ على شموخكم الذي أحرج الطغاة وأقلقهم على الدوام، السلام على الأسيرات والأسرى، السلامُ على الجرحى والمعذّبين، السلامُ على تلك الأسيرة الصامدة في زنزانتها اللؤلؤة، السلامُ على ذاك الأسير الذي شقّ الطريق نحو ميدان الشهداء بكلِّ بسالةٍ وشجاعة، السلامُ على الكوادر الطبية والتعليمية التي زُجّت للسجون، سلامُ اللهِ عليكم جميعاً وأنتم تتألمون وتصمدون في السجون منْ أجلنا ومن أجلِ بناءِ وطن الكرامة والحُرية.
السلامُ على حرائر الثورة الرائدات البطلات، اللاتي انتهجن بنهج زينب الكبرى عليها سلام الله في صلابتها وشموخها وإباءها وثورتها في وجه يزيد، السلامُ على أمهات الشهداء المُحتسبات، السلام على كلِّ حرَّة أبت إلا أن تكون في طلائع الثائرين وفي الصفوف الأمامية في مواجهةِ العساكر المحتلين.
السلام عليكم جميعاً أيها المعتصمون تحت تهديد القمع والسلاح، يا من عاهدتم الله بالوفاءِ لدماءِ شهدائكم وعدم التراجعِ للوراء مهما عظُمت التضحيات، السلامُ على ميدان الشهداء الذي نعدهُ بأن نعود إليهِ قريباً بإذن الله.
بعد السلام والتحية، من أخوتكم المقصرين في إئتلاف شباب ثورة 14 فبراير، اسمحوا لنا أنْ نتناول ثلاثُ نقاطٍ هامة، نتمنى منكم الانتباه والإصغاء لها جيداً:
أولا :
نودُّ الإشارة إلى حقيقة المعانات الجسيمة والنكبات الأليمة التي نَحَتَتْ من جسدِ هذا الشعب الجريح وأشعلت مآسي ومؤامرات وأحداث فضيعة يندى لها الجبين، فمن عمق كل هذه المعانات يجب أن يكون لنا حق تقرير المصير، وأن يكون خيارنا متخذٌ من واقعِ بصيرةٍ ووعي وإيمانٍ بالله لا أن يكون نابعٌ من عواطفٍ أو ضغوطاتٍ مختلفة أو حساباتٍ متحيزة، فالتاريخُ مؤلم وسيكونُ خيارنا اليوم أشدُّ ألماً إن لم يكن خيارنا خيارٌ حكيم يُنقذنا من هذه الأزمات ويُخلصنا من جور الجائرين إلى الأبد، وعليهِ ، فإنّ قرار صمودكم في الثورة ومواصلتها حتى انتزاع حقَّكم المشروع في تقرير مصير هذا الوطن هو أمرٌ حتمي، وإلاَّ فلن نجد بعدها من ينتشلنا من وحلِ المعانات وسنكون لعنة الأجيال القادمة لما فرّطنا بهِ من فرصٍ تاريخية، ولأننا مسئولون عن ما سيجري عليهم بسبب الخيارات والقرارات التي نتخذها اليوم كشعب، فيا أحبّة: لا تراجع أبداً عن الثورة المجيدة، لا لأنصاف الحلول، لا لتمييع القضية، وثورة ثورة حتى النصر.
ثانياً:
إننا اليوم نعيشُ في محيط هذا العالم الذي قرر أن ينتفض على الأنظمة الجائرة من أجلِ نيل حياةٍ أفضل عنوانها الكرامة والعزّة والشموخ، فالشعب البحريني ليس من كوكب آخر ولا منْ ملة أخرى، فالشعبُ البحريني العظيم من الشعوب الحرَّة التي قررت التغيير رُغم أنف الحاقدين، والشعوبُ قادرةٌ على تغيير المعادلات وفرضِ وجودها وتقريرِ مصيرها السياسي منْ خِلال الإرادة الفولاذية التي لا تنكسر، ومن خِلال الصمود الثوري الذي لا يعرفُ معنى الضعف والانهزام، ولنا في جنوب أفريقيا خيرُ مثالٍ، فعندما قرر الشعب هناك التحرر من ثوب العبودية والإنعتاق منها، استعاد حقوقهُ الإنسانية التي منحها الله لكل إنسان، فكم كانت معاناة هذا الشعب مريرة وبشعة تحت وطأة الاستعباد الذي ليس لهُ هوية وإن تعددت مسمياته، ولكن رُغم كل تلك الصعوبات والمعاناة تحرر ذلك الشعب المسحوق بفضل تضحياتهم وتضحيات قائدهم المعروف المناضل الكبير وهو نيلسون مانديلا والذي يقف له كل العالم اليوم بإجلال واحترام بفضل مواقفه البطولية التي دوّنها التاريخ.
ثالثاً :
نعيشُ اليوم في مخاضٍ عسير واختبارٍ صعب ومرحلة تتطلب منا شديد الحذر خصوصا من النخب التي تملك بعض مفاتيح الحلول وقد تلجأ لها السلطات في ذلك، لذا نريد أن نتعلم منْ أخطاء الماضي ولا ينفرد أياً منا بقرارٍ مصيري دون رؤية واضحة يوافقُ عليها الشعب، فالقرار الحقيقي ينشأ ممن عانوا وضحوا وقدّموا فلذات أكبادهم ودمائهم رخيصةً للأمة، فلا يحقُ لأحدٍ أنْ يتفرد بقرار الشعب، فلا مجال للخطأ في موقعٍ لا يحتملُ الخطأ، فمن حقَّ الشعب أنْ يُقرر مصيرهُ بنفسه عبر استفتاءٍ عام كنا ولا زلنا نطلبُ منْ الأمم المتحدة مساعدتنا في تحقيقه ، وسنعمل بكلِّ ثقلنا في هذا الاتجاه، فالأزمة الخانقة في البحرين منذُ عشرات السنين تتطلبُ منا الإصرار من أجل الوصول لحلٍ جذري، أما الحلول الترقيعية فهي مرفوضة جملة وتفصيلا ولنْ تثني الثوار عن مواصلة ثورتهم، فنصفُ ثورة هلاكُ أمَّة، وشعب البحرين الأبيَّ وفيٌ لدينه ووطنه ودماءِ شهدائه، لذا فهو لنْ يتراجع عن الثورة حتى تحقيق النصر المؤزر بإذن الله.
وختاماً : إن الإفراجات الحاصلة اليوم لأحبتنا الأسرى، قد جاءت بفضلِ الله سبحانهُ وتعالى أولاً، ثمّ بفضل صمودكم وثباتكم في جميع الساحات، وبفضلِ جراحكم الغائرة التي لم تجدوا سبيلاً لعلاجها في المستشفيات المحاصرة، وبفضلِ تحديكم لآلة القمع السعودية الخليفية، وبفضلِ صيحات التكبير التي تهزُّ عروش الظالمين في كلِّ ليلة، فمن كافة المدن والمناطق الأبية الغيورة الثائرة، ليكُن شعارنا في اعتصام (حقّ تقرير المصير) بأننا سنواصلُ الثورة حتى النصر دون تراجع وفاءً لدماء الشهداء.
وفي آخر كلماتنا المحبة والمشتاقة لكم ولمخاطبتكم من فوقِ منصَّةِ ميدان الشهداء نقول 🙁 عائدون عائدون يا ميدان الشهداء) ويعدُكم إخوانكم في إئتلاف شباب ثورة الرابع عشر من فبراير على طرحِ برنامج العودة لميدان الشهداء في القريب العاجل جداً بإذن الله، وما النصرُ إلا من عند الله العزيز الجبار.
والسلامُ عليكم يا أعظم الشعوبِ صبراً وصموداً ورحمةُ اللهِ وبركاته.
صادر عنْ : إئتلاف شـباب ثـورة 14 فـبراير
الخميس 30 يونيو/حزيران 2011م